المحكمة العليا الإسرائيلية تبطل قانون الغاء معيار المعقولية أو الأرجحية- المحامي غياث ناصر

المحكمة العليا الإسرائيلية تبطل قانون الغاء معيار المعقولية أو الأرجحية- المحامي غياث ناصر > أخبار > Blog > غياث ناصر

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية اليوم 1.1.2024 قرارا هاما يقضي بإلغاء قانون أساس القضاء (تعديل رقم 3) والذي يقضي بإلغاء معيار المعقولية التي تستطيع المحكمة استخدامه خلال الرقابة القضائية على قرارات الحكومة.

وقد سن هذا القانون علي يد الحكومة كجزء من رزمة قوانين ترغب الحكومة سنها من اجل إجراء “إصلاحات” في الجهاز القضائي كما ادعت. ولكن سرعان ما تبين أن الهدف من وراء الإصلاحات القضائية المزعومة ليس إصلاح الجهاز القضائي كما ادعت، وانما تقويضه ومنعه من إجراء رقابة قضائية حقيقية وفعالة على قرارات الحكومة، لكي تستطيع الحكومة العمل بمطلق الحرية ودون ان يكون رقيب او حسيب على خطواتها، الأمر الذي يتناقض مع أسس ومبادئ النظام الديموقراطي ومبدأ فصل السلطات.

وكان معيار المعقولية هو أحد المعايير التي طورتها المحكمة العليا من اجل الرقابة القضائية على قرارات الحكومة. وتجدر الإشارة هنا ان المعيار المذكور لم يخلق في القضاء الإسرائيلي وانما يستخدم في دول مختلفة في العالم مثل أمريكا ودول أخرى ومعروف بمعيار ال- Reasonability

ووفق هذا المعيار، تستطيع المحكمة، خلال الرقابة القضائية الي تجريها على قرارات الحكومة او موظفيها، ابطال قراراتها إذا توصلت الى نتيجة ان القرار الذي توصلت له الحكومة غير معقول لأسباب مختلفة ثبتت امام المحكمة. وقد كان هذا المعيار قيد هام على قرارات وإجراءات الحكومة اذ ان هذا المعيار يمنعها من اتخاذ قرارتها بشكل تعسفي ويلزمها التروي قبل اتخاذ القرار والتصرف بمعقولية، وفي غير ذلك تستطيع المحكمة إلغاء القرار.

وكانت الإصلاحات القضائية التي بدأت الحكومة في إجرائها تهدف الى أمرين وكلاهما يضعف أسس النظام الديموقراطي المتبع في الدولة ويضعف المحكمة العليا. الأول، التأثير على تشكيل أعضاء المحكمة العليا من خلال تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة ولكي يكون للحكومة دور أكبر في تعيين القضاة الامر الذي يمكنها من التأثير على تركيبة أعضاء المحكمة بشكل يتماشى مع برامج الحكومة. الأمر الثاني، تقويض قوة ومكانة المحكمة العليا من خلال سلب بعض الوسائل التي تملكها المحكمة العليا من اجل اجراء رقابة قضائية على قرارات الحكومة، مثل معيار المعقولية الذي ذكرناه أعلاه.

وقد أدى مخطط الحكومة في إجراء تعديلات قضائية من هذا النوع الى غليان داخل الشارع الإسرائيلي والى مظاهرات لم يسبق لها مثيل في كافة انحاء البلاد طالبت بالتوقف عن اجراء مثل هذه “الإصلاحات” المزعومة والغير ديموقراطية. إلا ان الحكومة استمرت في مخططها وقامت بسن القانون الأول من رزمة التعديلات عللا الرغم المظاهرات الكبيرة التي اجتاحت البلاد وأدت الى انقسام كبير في صفوف الشعب الإسرائيلي. ويقضي القانون المذكور بإلغاء معيار المعقولية، وهو القانون الذي يمنع المحكمة من اجراء رقابة قضائية على قرارات الحكومة وفق هذا المعيار. ومن اجل منع المحكمة من الغاء القانون المذكور تعمدت الحكومة من سنه كقانون أساس، أي انه جزء من الدستور. حيث لا يوجد في دولة إسرائيل دستور رسمي مثل باقي الدول، وانما مجموعة قوانين أساس اعتبرتها المحكمة العليا في قرارات سابقة انها فصول من دستور الدولة الذي لم يتم اتمامه بشكل كامل. ولذلك تعمدت الحكومة على سن القانون كقانون أساس معتقدة ان المحكمة لن تقوم بإلغائه لأنه قانون أساس.

وبعد سن القانون المذكور قدمت التماسات عديدة للمحكمة من أجل الغاء القانون المذكور. وقد استمعت المحكمة الى الالتماسات المذكورة بتركيبه موسعة مشكلة من خمسة عشر قاضيا من قضاة المحكمة العليا. وقد صدر اليوم قرار المحكمة العليا بإلغاء القانون.

اما بخصوص المسألة الدستورية، وهي صلاحية المحكمة في إلغاء قوانين أساسية على الرغم من كونها جزء من دستور البلاد، فقد قررت المحكمة بغالية 12 عضوا من أصل 15 عضوا ان المحكمة تملك صلاحية الغاء قوانين الأساس في الحالات الاستثنائية عندما تمس هذه القوانين او التعديلات الخصائص الأساسية للدولة كدولة يهودية وديموقراطية.

اما بخصوص قانون المعقولية ذاته فقد قررت المحكمة إلغاءه بغالبية 8 أعضاء من أصل 15 عضوا معتبرة ان القانون يمس المبادئ الأساسية للقانون الديموقراطي ومبدأ فصل السلطات.

وقد كانت هنالك محاولات في الأيام الأخيرة لمنع المحكمة من اصدار قرارها نتيجة للحرب الدائرة وبادعاء ان القرار يثير الفتنه ويؤثر على وحدة الشعب أيام الحرب. وقد كانت هذه الادعاءات تهدف في الحقيقة الى منع المحكمة من نشر قرارها بعد ان كشف عنه قبل صدوره في الاعلام الإسرائيلي الامر الذي يعد سابقة خطيرة. وكانت هذه المحاولات ستؤدي الى تغيير نتيجة القرار، إذ ان اثنتين من أعضاء المحكمة العليا، رئيسة المحكمة سابقا القاضية حيوت، والقاضية بارون، قد انهيتا مدة عملهما في المحكمة العليا. وعليه فان تأجيل إصدار القرار سيمنعهن من الادلاء بقرارهن الامر الذي قد يؤدي الى تغيير نتيجة القرار. وعليه رفضت المحكمة العليا هذه المحاولات وقامت بإصدار قرارها على الرغم من المطالبات بتأجيله بسبب الحرب الدائرة.

القرار صدر في ملف رقم 23/5658 الحركة من اجل نزاهة الحكم في إسرائيل ضد الكنيست واخرين.

فيما يلي ملخص عن قرار المحكمة العليا باللغة العبرية:

فيما يلي نسخة كاملة عن قرار المحكمة العليا باللغة العبرية ملف Pdf

فيما يلي نسخة كاملة عن قرار المحكمة العليا بالغة العبرية ملف word



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *