القانون المطبق في المستوطنات الاسرائيلية- بحث المحامي غياث ناصر

القانون المطبق في المستوطنات الاسرائيلية- بحث المحامي غياث ناصر > مراجعة قرارات > Blog > غياث ناصر

مقدمة

يدور هذا البحث حول القانون المطبق فعليا في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية. من حيث المبدأ، وحيث أن المستوطنات الاسرائيلية أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان من المتوقع أن يسري على هذه المستوطنات القانون الذي كما قائما قبل بدء الأحتلال، كما يسري ذلك القانون على باقي سكان الضفة الغربية. ولا مكان لوجود نظامين قانونيين مختلفين على نفس بقعة الأرض.

إلا أن واقع الامر يختلف عن ذلك بكثير. مع مرور الوقت، وأقامة المستوطنات وتوسعها، نشأ في الأراضي الفلسطينية نظاميين قانونيين مختلفيين. الأول، هو النظام القانوني السائد في الضفة الغربية بشكل عام. والثاني، النظام القانوني الذي نشأ في المستوطنات أو ما يدعى “قانون المستوطنات”. 

من خلال هذا البحث، سنرى كيف نشأ وتطور هذا النظام القانوني الخاص داخل الأراضي المحتلة. وعليه، قسمنا هذا البحث إلى مبحثين. في المبحث الأول سنقف عند القانون الواجب التطبيق في الاراضي الفلسطينية بشكل عام وفق القانون الدولي، وأمكانية تعديله من قبل الحكم العسكري. في المبحث الثاني سنقف على عملية تغيير القانون في الأراضي الفلسطينية والقانون المطبق في المستوطنات.

  1. المبحث الأول: القانون الواجب التطبيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة

سنعالج خلال هذا المبحث، القانون الواجب التطبيق على هذه الاراضي كونها أراضي محتلة. في بداية الأمر سنقف عند تعريف الأراضي المحتلة. وفيما بعد سنقف عند النظام القانوني الخاص الذي ينطبق على الأراضي المحتلة حسب القانون الدولي. ثم سنعرض موقف المحكمة العليا الأسرائيلية من النظام القانوني القائم في الضفة الغربية. في القسم الآخر من هذا المبحث، سنقف عند أمكانية تعديل القوانين القائمة من قبل الحكم العسكري، وهي أحدى الآليات التي استخدمتها اسرائيل لخلق نظام قانوني خاص في المستوطنات، كما سنوضح ذلك في المبحث الثاني. 

1.1) المطلب الأول: تعريف الأراضي المحتلة

القانون الدولي الذي يحل زمن الحرب أو الاحتلال الحربي، وكما يسمى باللغة الانجليزية قوانين الحرب (Laws of War) أو قوانين النزاع المسلح (Laws of armed Conflict) هو جزء من القانون الدولي العام، يحل وينطبق زمن الحرب، كما ينطبق على الأقاليم المحتلة، في حال أسفرت الحرب عن احتلال دولة لإقليم دولة أخرى.

من الواضح، إذا، أن شرطا مسبقا لإنطباق هذا القانون على إقليم معين، هو وقوع هذا الإقليم تحت الاحتلال. وعليه، لا بد أن نتطرق بداية لانطباق هذا القانون على الأراضي الفلسطينية، على الرغم من أن حقيقة وقوع هذا الاحتلال أصبح من الأمور المسلم بها[1].

ويُعرف الاحتلال الحربي (Belligerent Occupation) حسب القانون الدولي كما يلي:

“إقليم دولة يعتبر تحت الاحتلال العسكري عندما تسيطر دولة عدو على الإقليم وتستطيع أن تُفعل فيه صلاحيات الحكم، وفي الوقت ذاته، يتعذر ذلك على الدولة ذات السيادة التي خرج الإقليم عن سيطرتها فلا تستطيع أن تُفعل صلاحياتها بسبب الاحتلال“[2].

 في تاريخ 7/6/1967 اجتاحت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، وأحكمت السيطرة عليهما، مدعيةً حق الدفاع عن النفس. وقد رفضت الأمم المتحدة هذا الادعاء، وطلبت من إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة[3].   

القانون الدولي يَعترف بقانونية الحكم العسكري خلال النزاع المسلح. ولكنه يضع قيودًا على إدارة الأراضي المحتلة[4]. أول هذه القيود والقواعد، هو أن الاحتلال الناتج عن الحرب، هو احتلال مؤقت، وأن على القوة المحتلة إعادة الأرض المحتلة في أول فرصة يتسنى لها ذلك[5].

بعد بدأ الاحتلال، قام الحاكم العسكري الإسرائيلي، بتحويل جميع صلاحيات الحكم السابقة إلى نفسه، ليصبح صاحب الصلاحيات، وليبدأ بتفعيل الصلاحيات بنفسه[6]. بالمقابل، تعذر تفعيل هذه الصلاحيات على الأردن ومصر اللتين كانتا تسيطران على الضفة الغربية وقطاع غزة. ولذلك، ما من شك أن التعريف أعلاه ينطبق على الأراضي الفلسطينية، ولذلك تُعتبر هذه الأراضي أراضي محتلة[7].

وقد اعترفت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، بطبيعة السيطرة الحربية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وأقرت بالصبغة المؤقتة لهذه السيطرة. وكما جاء على لسان القاضي شمغار في قضية أبو عيطه:

“صلاحية الحاكم العسكري كما هو معروف، مؤقتة، حيث يكون امتدادها وقوتها كإمتداد ومدة وجود السيطرة على الأرض، وكمدة وجود الحكم العسكري. ولكن منذ استيلائه على الصلاحيات، وكل الوقت الذي يستمر فيه الحكم العسكري، يتزيَّا الحاكم العسكري بِزِيّ السلطة المركزية التي كانت مسؤولة عن المنطقة قبل إقامة الحكم العسكري”[8].       

1.2) المطلب الثاني: الاتفاقيات الدولية التي تسري على الأراضي المحتلة

حيث توصلنا أعلاه إلى أن الأراضي الفلسطينية وقعت تحت الاحتلال في يونيو 1967، تنطبق عليها إذا قوانين الحرب المعروفة في القانون الدولي. المصادر الأساسية للقوانين، وردت في اتفاقيتين دوليتين:

الأولى: اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لسنة 1907[9].

الثانية: اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لسنة 1949[10].

ما من شك، في أن هذه الاتفاقيات تنطبق على الأراضي الفلسطينية[11]. وتعتبر اتفاقية لاهاي، من القانون الدولي العرفي (Customary Law) الذي يلزم كل الدول، حيث ثبتت له هذه الصفة[12]. بينما يوجد خلاف فيما يتعلق باعتبار اتفاقية جنيف بأسرها جزءًا من القانون الدولي العرفي.  وتمثل هذه الاتفاقيات اهتمام المجتمع الدولي بحماية سكان الأراضي المحتلة إزاء القوة المحتلة[13]. ولذلك وردت فيها قواعد مختلفة، يهدف أكثرها إلى حماية الأشخاص الذين يقعون تحت الاحتلال، وفرض قيود على معاملتهم من قبل الدولة المحتلة. وقد جاءت اتفاقية جنيف لتعزز بعض الفجوات التي وردت في اتفاقية لاهاي بالنسبة لحماية المدنيين[14]. ويمكن تلخيص هذه الاتفاقيات، أنها تتمحور حول أربع نقاط أو مبادئ  أساسية:

المبدأ الأول، ينبع من المادة 43 من اتفاقية لاهاي، التي وفقا لها فإن سلطة القوة المحتلة هي ذات طابع فعلي (De facto Nature)، وإن الاحتلال العسكري لا يعطي السيادة للقوة المحتلة[15]

المبدأ الثاني، يُلزِم القوة المحتلة، إدارة الأرض المحتلة خلال فترة الاحتلال[16]. وتفرض اتفاقية جنيف على القوة المحتلة التزامات محددة، بما في ذلك: التعليم، التزويد بالطعام والاحتياجات الطبية، صيانة المستشفيات[17].

المبدأ الثالث، يفرض على القوة المحتلة قيود معينة، تعتبر بمثابة الحد الأدنى للتعامل الإنساني مع السكان المحليين[18]. وعلى سبيل المثال، تحظر المادة 49 من اتفاقية جنيف إبعاد الأفراد والجماعات عن الأراضي المحتلة[19]. وتحظر هذه المادة أيضا توطين سكان الدولة المحتلة داخل الأراضي المحتلة. كما تحظر المادة 53 من اتفاقية جنيف تدمير الممتلكات الخاصة[20]. وبالمقابل تطالب المادة 46 من اتفاقية لاهاي باحترام حقوق الأسرة، بما في ذلك احترام  الأملاك الخاصة وتمنع مصادرتها[21]. وتكرَّر منع تدمير الممتلكات في المادة 23(ز) من اتفاقية لاهاي، باستثناء ضرورات الحرب[22].  وتحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف معاقبة شخص على جريمة لم يقترفها شخصيا، كما تمنع العقاب الجماعي[23]. وكانت اتفاقية لاهاي قد منعت سابقا العقوبة الجماعية[24]. وتمنع المادة 76 من اتفاقية جنيف اعتقال الأسرى خارج الأراضي المحتلة[25].

المبدأ الرابع[26]، وهو الاهم لهذا البحث،  ينبع من القسم الثاني للمادة 43 من اتفاقية لاهاي، والذي يفرض على القوة المحتلة، احترام القوانين القائمة، إلا في حالات الضرورة القصوى (Unless absolutely prevented)[27]. والفكرة الأساسية من وراء هذه القاعدة، هي أن القانون الدولي لا يعترف بالصلاحية التشريعية للقوة المحتلة، إلا في حالات الضرورة القصوى[28]، وعليه يجب الحفاظ على النظام القانوي القائم في المنطقة المحتلة.

1.3) المطلب الثالث: موقف الحكومة الإسرائيلية من سريان الاتفاقيات الدولية

قبل أن نعرض، موقف المحكمة العليا، لا بد أن نقف على موقف الحكومة الإسرائيلية، بالنسبة لانطباق الاتفاقيات الدولية. إذ أن لموقف الحكومة أثر كبير على رأي المحكمة لاحقا، كما أن هذا الموقف يوضح الخلفية التي كانت وراء عملية تغيير النظام القانوني في الضفة الغربية بشكل عام، وفي المستوطنات بشكل خاص. إذ أن نظرة الحكومة لهذه المناطق، كانت العامل الأساسي في إطلاق العنان لنفسها في تغيير النظام القانوني القائم.

اولا: اتفاقية جنيف

اسرائيل لم تعترف اعترافا واضحا بانطباق اتفاقيات جنيف على الأراضي المحتلة. موقف اسرائيل كان يترنّح خلال السنوات بين موقفين:

أ) الأول: التشكيك في انطباق اتفاقية جنيف على الاراضي المحتلة.

ب) الثاني: اعلان صريح أن اتفاقية جنيف لا تنطبق على الأراضي المحتلة.

كما هو معروف، فقد أعلنت إسرائيل في مراحل عديدة، أنه دون علاقة بموقفها المبدإي من انطباق اتفاقية جنيف على الاراضي المحتلة، فإنها ستستمر في تطبيف القواعد الإنسانية لهذه الاتفاقية. فيما يلي سنعرض موقف إسرائيل في مراحل شتّى، كما جاء على لسان ممثليها الرسميين.

اول من عبّر عن رأي الحكومة بهذا الخصوص كان المستشار القضائي للحكومة مئير شمغار، الذي اصبح فيما بعد رئيسًا لمحكمة العدل العليا[29]. حسب رأيه، لا توجد قاعدة في القانون الدولي، وفقا لها تنطبق اتفاقية جنيف الرابعة على كل نزاع مسلح، ولا تعتبر كل أرض احتلت أرضا محتلة (Occupied Territories) تنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة. وتطرق شمغار لاتفاقية جنيف قائلا:

“In my view, de lege lata, the automatic applicability of the Fourth Convention to the territories administered by Israel is at least Extremely doubtful, to use understatement, and automatic application would raise complicated juridical and political problems”[30].

إسرائيل تمسكت بما ورد في المادة 2 من اتفاقية جنيف أن الاتفاقية تنطبق “أيضاً في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة”. وحسب هذا الادعاء فإن المعاهدة تنطبق فقط عند احتلال إقليم دولة أخرى. وكان الادعاء الإسرائيلي، أن الأراضي المحتلة لم تكن، قبل الاحتلال، جزءا من أية دولة أخرى من الأطراف المتعاقدة. حيث لم يُعترف بأن الضفة الغربية هي جزء من الأردن[31]. أما بالنسبة لقطاع غزة، فإن مصر لم تدَّعِ السيادة على القطاع في أية مرحلة. وبناء على ذلك ادعت إسرائيل أن الأراضي المذكورة ليست “أراضي دولة” أخرى، وعليه هنالك شك فيما يتعلق بسريان هذه الاتفاقية على الأراضي الفلسطينية[32].

ولكن الإدعاء الوارد أعلاه، رُفض في أوساط القانونيين الدوليين، ورفض من قبل لجنة الصليب الأحمر الدولي ومن الدول المختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة[33]. إذ أن المادة 2 أعلاه، جاءت موسعة بهذا الشكل، لتزيل أي التباس بالنسبة لانطباق اتفاقية جنيف، حتى في الحالات التي لا تعترف فيها الدولة المحتلة بشرعية وجود الدولة السابقة في الإقليم المحتل، كإدعاء إسرائيل بالنسبة للأردن. إذ أن ذلك غير مهم لمسألة انطباق الاتفاقية، وتنطبق الاتفاقية على الرغم من الخلاف القائم بين الإطراف[34]. كما أن المادة 4 من الاتفاقية تعرّف المحميين بأنهم الأشخاص الذين وقعوا تحت احتلال دولة هم ليسوا من مواطنيها[35].

ثانيا: اتفاقية لاهاي

بخلاف الحال بخصوص اتفاقية جنيف، لم يصدر من قبل حكومة اسرائيل تصريح رسمي معروف بالنسبة لانطباق اتفاقية لاهاي على الأراضي المحتلة. ولكن  يرى المراقبون، أن الموقف الذي عبرت عنه اسرائيل بالنسبة لاتفاقية جنيف، هو موقفها ايضا بالنسبة لاتفاقية لاهاي، إذ أن الاخيرة ايضا تعالج القواعد التي يجب اتباعها في الاقاليم المحتلة[36].

وحيث أن رفض اسرائيل الاعتراف بأنطباق اتفاقية جنيف على الاراضي المحتلة، ينبع من                     خوفها من أن يفسَّر ذلك اعترافا بسيادة مصر والأردن على الاراضي المحتلة، فإن هذا الخوف يحل ايضا على الاعتراف بانطباق اتفاقية لاهاي. حيث ان قواعد هذه الاتفاقية جاءت هي ايضا لتنظم عمل الدولة المحتلة في الاقليم الذي احتل من دولة أخرى. وعليه، فإن اعتراف اسرائيل بانطباق هذه الاتفاقية يعني اعترافها بانطباق اتفاقية جنيف الرابعة، وبالتالي، اعترافها بسيادة مصر والاردن حسب موقف اسرائيل الذي ورد أعلاه.

إلا أن هذا الموقف لا يميز بين القانون الدولي العرفي، وبين القانون الدولي التعاقدي. “وحسب رأي حكومة اسرائيل، ايضا القواعد العرفية الواردة في اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف، لا تنطبق أو يوجد شك في انطباقها”[37]. ولكن كما هو معروف، فإن اتفاقيات لاهاي هي جزء من القانون الدولي العرفي، وعليه لا تستطيع أية دولة التنكر لهذه القواعد العرفية، بل تعتبر هذه القواعد جزءا من القانون الداخلي لأية دولة. هو كذلك بالنسبة لإتقاقية جنيف الرابعة، حيث يعتبر بعض الفقهاء أن الاتفاقية بأكملها هي اتفاقية ذات أحكام عرفية، ويعتبر البعض أن أغلبية قواعدها هي قواعد عرفية.

 1.4) المطلب الرابع: موقف المحكمة العليا الأسرائيلية من سريان الأتفاقيات الدولية

اختلف موقف المحكمة العليا، عن الموقف الرسمي لإسرائيل بالنسبة لانطباق اتفاقيات جنيف ولاهاي على الأراضي المحتلة. مع أن هذا الموقف لم يكن ليُعَدّ سابقة قانونية، أو تقدما قضائيا كبيرا[38]. وقد ميزت المحكمة بين اتفاقية لاهاي وبين اتفاقية جنيف. واعتبرت المحكمة، أن أحكام اتفاقية لاهاي هي قواعد عرفية للقانون الدولي[39]، وعليه فهي تلزم الحكم العسكري[40]، بينما لم تعترف بهذه الصفة لاتفاقية جنيف، ولم تعتبر أحكامها قواعد عرفية، وعليه لم توافق على تطبيقها، إلا إذا وافقت الحكومة على ذلك أمام المحكمة.

المحكمة العليا أعتبرت اتفاقية لاهاي من القواعد العرفية، وعليه في جزءا من القانون الاسرائيلي الداخلي، دون الحاجة إلى إدخالها للقانون الاسرائلي عن طريق سن قانون خاص لذلك[41]. ولكن هذا المبدأ العام بالنسبة للقواعد العرفية، مقيد بشرط آخر، وهو أن لا تتعارض القاعدة العرفية مع القانون الأسرائيلي الداخلي[42]. وإذا تعارضت مع الاخير، تكون الغلبة للقانون الداخلي، حيث يفضل على القانون الدولي في مثل هذه الحالة، معللين ذلك بمبدأ سيادة الدولة.

أما بالنسبة لأتفاقية جنيف، فأن المحكمة العليا لم تعترف بأن هذه الاتفاقية جزء من القانون الدولي العرفي، بل اعتبرتها جزءا من القانون الدولي التعاقدي[43]. وعليه، اعتبرت المحكمة أنه طالما لم تشرّع اسرائيل قانون يدخل الاتفاقية إلى القانون الإسرائيلي الداخلي، فلا تعتبر الاتفاقية جزءا من القانون الاسرائيلي. وعليه، اعتبرت المحكمة في عدة قرارات أنها لا تستطيع الاعتماد على قواعد اتفاقية جنيف دون موافقة الدولة الطوعية على تطبيق الاتفاقية[44].

على أية حال، أن ما يهمنا في هذا البحث، بخصوص تغيير النظام القانوني وانشاء نظام قانوني خاص بالمستوطنات، هو موقف المحكمة العليا من أتفاقية لاهاي خاصة. إذ أن مبدأ الحفاظ على النظام القانوني الذي كان قائما قبل الاحتلال ورد في المادة 43 من اتفاقية لاهاي. وعليه سنرى لاحقا كيف تعاملت المحكمة مع هذا المبدأ.

أما بالنسبة للرقابة على أعمال الجيش، فإن القانون الدولي لا يلزم الحكم العسكري بقبول رقابة قضائية على أعمال الجيش. إلا أن نيابة الدولة لم تعترض أبدا على هذه الرقابة[45]. ولكن كان لا بد من منح هذه الرقابة، بعد أن أبطلت صلاحيات المحكمة العليا الفلسطينية في الرقابة على أعمال الحكم العسكري. من جهة أخرى، فإن منح الرقابة، قد يعطي نوع من الحصانة لقانونية أعمال الحكم العسكري.

وعليه، فقد قررت محكمة العدل العليا، أن لها الصلاحية في الرقابة على أعمال الحكم العسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب قوانين الحرب في الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب القواعد العرفية لقوانين الحرب، وحسب قواعد القانون الإداري الإسرائيلي (Administrative Law)، التي تحل على أي جهاز إداري يقوم بوظيفة من قبل الدولة، بما في ذلك الجيش[46].

ولكن اعتماد مبدأ صلاحية الرقابة القضائية أمر، بينما الرقابة الحقيقية على أعمال الجيش هي أمر آخر. وكما سنرى لاحقا، فان المحكمة العليا لم تمنع الحكم العسكري من تغيير النظام القانوني القائم، بل في حالات عدية صادقت على تغيير هذا النظام واعترفت بالوضع الخاص للمستوطنات.

1.5) المطلب الخامس: القانون الواجب التطبيق وفق المادة 43 من اتفاقية لاهاي

كما رأينا أعلاه، فأن المحكمة العليا أعتبرت اتفاقية لاهاي من القانوني الدولي العرفي، وعليه فإنها تعتبر بمثابة قانون حسب القانون الإسرائيلي، يلزم للحكومة الإسرائيلية ويلزم للحاكم العسكري.

وقد حددت المادة 43 من اتفاقية لاهاي القانون الواجب التطبيق في الأراضي المحتلة:

إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة الاحتلال, يتعين على هذه الأخيرة, قدر الإمكان, تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه, مع احترام القوانين السارية في البلاد, إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك”.

وللمبدأ الوارد في المادة أعلاه، التأثير الأساسي على تحديد النظام القانوني الواجب التطبيق في الأراضي المحتلة. إذ أن القانون الدولي لم يترك الأمر لإختيار القوة المحتلة، لتقرر ما هو النظام القانوني الواجب التطبيق على الأراضي المحتلة، بل حدد لها هذا النظام القانوني، وهو النظام الذي كان قائما قبل الأحتلال. 

وفعلا، الفترة الأولى من الاحتلال، اختصت بالالتزام بالمبدأ القانوني أعلاه حسب القانون الدولي[47]. حيث أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي في تاريخ 7 حزيران 1967، المنشور بشأن أنظمة السلطة والقضاء (منطقة الضفة الغربية)(رقم 2) لسنة 1967[48]، والذي نشر في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفقا له قام بتحويل جميع صلاحيات الحكم السابقة إلى نفسه[49]. ولكن من جهة أخرى، أعلن في هذا المنشور الاحتفاظ بالقانون الذي كان ساريا قبل بدأ الاحتلال. وكما جاء في المادة 2 من نص المنشور:

“2. مفعول القوانين القائمة

أن القوانين التي كانت قائمة في المنطقة بتاريخ 7 حزيران 1967 تظل نافذة المفعول بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع هذا المنشور أو أي منشور أو أمر يصدر من قبلي، وبالتغييرات الناجمة عن إنشاء حكم جيش الدفاع الإسرائيلي في المنطقة”.

إذا من حيث المبدأ، قرر الحكم العسكري الاحتفاظ بالقانون الذي كان قائما قبل بدأ الاحتلال، مع الاحتفاظ بحقه بتغيير هذا القانون.

2) المبحث الثاني: القانون المطبق في المستوطنات الإسرائيلية

على الرغم من اعتماد المبدأ المذكور في المادة 43 من اتفاقية لاهاي، مع بداية الاحتلال، إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلا. فسرعان ما بدأ الحكم العسكري بعملية ضخمة لتغيير النظام القانوني في الضفة الغربية كافه. مع مرور الوقت وكجزء من عملية تغيير  النظام القانوني، بدأ الحكم العسكري وبدأت دولة إسرائيل بإصدار تشريعات تتعلق بسكان المستوطنات بشكل خاص، لخلق نظام قانوني مصغر لدولة إسرائيل داخل هذه المستوطنات.

وعليه، في هذا المبحث، سنقف في البداية على عملية تغيير النظام القانوني في الضفة الغربية بشكل عام، وعلى عملية خلق نظام قانوني خاص بالمستوطنات.

2.1) المطلب الأول: تغيير النظام القانوني في الضفة الغربية بشكل عام

مع بداية الاحتلال، لم يجري الحكم العسكري تغييرات جذرية على القانون الذي كان قائما. مع ذلك في تاريخ 17/12/1967 تم تغيير اسم “الضفة الغربية” إلى اسم “منطقة يهودا والسامره”[50].  مع أن هذا التغيير في الاسم لم يكن ليؤدي لتغيير في النظام القانوني القائم، إلا أنه عبر عن نية الحكم العسكري مستقبلا. حيث بدأ الحكم العسكري، يرى بهذه المنطقة، جزء من أرض إسرائيل التاريخية والمحررة.

مع استمرار الاحتلال، توسع تدخل الحكم العسكري في تغيير القوانين القائمة. فبينما، كانت التغييرات مع بداية الاحتلال، تتمركز بالذات حول الأمور الأمنية، وتغييرات طفيفة في القانون الأردني من أجل ملائمته للتغير الذي حدث في الحكم، أصبح تدخل الحكم العسكري أوسع بكثير وأصبح يطال كافة المجالات المدنية. وكان المصدر المادي للتشريعات الجديدة القانون الإسرائيلي[51]، في محاولة من قبل الحكم العسكري في تقريب النظام القانوني القائم إلى النظام القانوني الإسرائيلي.

كما رأينا فإن المادة 43 من اتفاقية لاهاي، تفرض على القوة المحتلة احترام القوانين القائمة، إلا في حالات الضرورة القصوى (Unless absolutely prevented). إلا أن الواقع كان شيئا آخر. فقد أدخل الحاكم العسكري العديد من التعديلات على القوانين التي كانت قائمة قبل الاحتلال، من خلال إصدار أوامر عسكرية. وخلال قرابة 40 سنة من الاحتلال، فقد تعدّى عدد التشريعات العسكرية ال- 2500  تشريع في الضفة الغربية، وال- 2400 تشريع في قطاع غزة[52]. هكذا جرت تعديلات عديدة على قوانين الأراضي كانت تطمح إلى إحكام قبضة الحاكم العسكري على الأراضي الفلسطينية[53]. كما جرت تعديلات على القوانين التجارية والاقتصادية، وفرض ضرائب جديدة[54]. وكانت تهدف هذه التعديلات إلى ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي. من جهة أخرى، وضعت تشريعات مفيدة، منها العسكرية المتعلقة بالمسؤولية بسبب حوادث السير، تأمين حوادث العمل، إعطاء حق التصويت للنساء في السلطات المحلية.

والسؤال الذي يطرح هو، كيف نجح الحاكم العسكري، في وضع هذه الكمية الهائلة من التشريعات، على الرغم من الحظر الصريح الوارد في المادة 43 من اتفاقية لاهاي، ودون أن يعترض طريقه أحد؟!. كما سنرى فيما يلي، فقد حدث ذلك في الأساس، بعد أن أعطي الحاكم العسكري “الضوء الأخضر” لعملية التشريع، في إحدى القضايا المفصلية التي عرضت على محكمة العدل العليا في موضوع التشريع، ألا وهي قضية الجمعية المسيحية للأراضي المقدسة ضد وزير الدفاع[55]. الجمعية المذكورة كانت تُفعل مستشفى في بيت لحم وبيت أيتام ومؤسسات أخرى. وقد نشأ خلاف بين الجمعية وبين عمال المستشفى. بعد نشوء الخلاف، أجرى الحاكم العسكري تعديلا على قانون العمل الأردني، وهو قانون العمل المؤقت رقم (21) لسنة 1960، من أجل وضع إجراءات لفض النزاع. الجمعية توجهت إلى المحكمة العليا، معتمدة على المادة 43 من اتفاقية لاهاي.

الجمعية ادعت أن الأمر العسكري يتناقض مع المادة 43 من اتفاقية لاهاي لسنة 1907. وقد، انقسمت الآراء في المحكمة العليا بخصوص صلاحية الحاكم العسكري في تغيير القانون في هذه الحالة. القاضي زوسمان، اعتبر أنه يترتب على احتلال منطقة أمران:

الأول: يحق لدول الاحتلال عمل كل ما يلزم من اجل أهداف الحرب وسلامة قواتها، صلاحيتها بهذا الخصوص مغلقة تقريبا.

الثاني: بجانب صلاحيتها، عليها واجب أيضا الاهتمام بسلامة الجمهور.

معتمدا على هذين المبدأين، اعتبر القاضي زوسمان، أن واجب الحاكم العسكري تجاه السكان المحليين قد يلزمه أحيانا تعديل القوانين القائمة، لأن احتياجات المجتمع تتغير مع مرور الوقت[56]. وقد أيد هذا النهج الكاتب دينشتاين[57].

ثم استمر قائلا، “لكي نفحص إذا كان تشريع جديد يتماشى مع المادة 43 من اتفاقية لاهاي يجب الإجابة عن السؤال ما هو الهدف من القانون الجديد؟ هل القانون سن من أجل دفع مصالح المحتل، أو انه من أجل مصلحة السكان المدنيين؟. الكل متفقون أن القانون الذي يهتم بمصلحة السكان، هو غير قانوني، ويتعدى صلاحية قائد المنطقة. ولكن بتفسير العبارة “في حالات الضرورة القصوى” يجب الأخذ بعين الاعتبار واجب القوة المحتلة الاهتمام بمصلحة السكان المحلية”[58].

وعليه، يقول القاضي زوسمان، إنه عندما لا تُمكّن القوانين القائمة الحاكم العسكري من القيام بواجبه تجاه السكان المحليين، فهذه بمثابة “الضرورة القصوى” التي تخوله صلاحية تعديل القوانين[59]. وعليه، اعتبر القاضي زوسمان، أن الحاكم العسكري لم يتعدَّ صلاحياته عندما عدل القانون الأردني. إذ أنه لولا التعديل المذكور، لما كان يمكن تفعيل القانون.

القاضي حاييم كوهين، خالف القاضي زوسمان في رأيه. واعتبر أن “الصلاحية لإعادة النظام لسابق عهده، لا تعني إدخال نظام جديد لم يكن فعالا قبل الاحتلال”[60]. واعتبر أن احترام القانون القائم، لا يعني تفعيل القانون أكثر من فاعليته السابقة. وحيث أنه لم يكن في الأردن قبل الاحتلال منظمات عمل وعمال، وعليه، النظام المنصوص عليه في المادة 92، لم يكن فعالا أصلا زمن الأردن. وليست وظيفة الحاكم العسكري حسب المادة 43، خلق نظام حياة مثالي. صلاحيته، تقتصر على إعادة النظام الذي كان قائما سابقا والحفاظ عليه.

إلا أن الرأي المذكور، للقاضي حاييم كوهين، بقي رأيا فرديا، ورفضت المحكمة العليا الالتماس المقدم لها مصادقة بذلك على الأمر العسكري الذي صدر بتعديل القانون الأردني، الأمر الذي أدى إلى تفعيل نظام لم يكن فعالا أصلا زمن الأردن.

وقد لقي هذا القرار الانتقاد من القانونيين الإسرائيليين أنفسهم. ففي مقال تعليقي على القرار، فضل خبير القانون الدولي الاسرائيلي يورام دينشتاين، النتيجة التي توصل إليها القاضي حاييم كوهين، ولكنه أقترح معيارا آخر[61]. على الرغم من أن دينشتاين، يوافق على صلاحية الحاكم العسكري بتعديل القوانين بما فيه مصلحة السكان، إلا أنه اقترح معيارا أو امتحانا آخر لفصح مدى صدق اهتمام الحاكم العسكري بمصلحة السكان. فقد اقترح دينشتاين، أن يكون الفحص، هو بالإجابة عن السؤال: هل يوجد قانون مشابه للقانون المنوي تشريعه ، في الدولة المحتلة؟. لأنه إذا وافقت الدولة المحتلة على تطبيق هذا القانون على مواطنيها قبل تطبيقه على مواطني الإقليم المحتل، فان ذلك يزيل الشك عن أية نية مبيتة من وراء التشريع، والعكس صحيح. من جهة أخرى، يرى كاتب آخر، أنه لا يمكن الاعتماد على المعيار المذكور دائما[62].

على أية حال، فقد أتاح القرار في هذه قضية الجمعية المسيحية المجال أمام الحاكم العسكري لإجراء تعديلات ضخمة على القوانين الأردنية. إذ عندما ربح الحاكم العسكري القضية، لتعديل قانون مدني بحت، لم يعد يهاب على الإطلاق الحظر الوارد في المادة 43 لاتفاقية لاهاي، على تعديل القوانين القائمة عشية الاحتلال، بل على العكس، كسب ثقة كبيرة بصلاحياته بعد هذا القرار، وأصبح يعتبر نفسه كأنه المشرع الشرعي في الأراضي الفلسطينية. وكما رأينا أعلاه، فقد قام الحاكم العسكري خلال 40 سنة من الاحتلال بوضع مئات التشريعات، دون أن تعترض المحكمة العليا طريقه.  

وفي قضايا لاحقة، بخصوص تعديل قوانين قائمة، إضافة لأنّ المحكمة العليا رفضت هذه القضايا، فقد فسحت المجال للحاكم العسكري لتعديل القوانين القائمة أكثر.

فعلى سبيل المثال، في قضية طبيب[63]، صادقت المحكمة العليا أيضا على تعديلات في قانون الأراضي (استملاك من أجل الجمهور) لسنة 1953، بخصوص طريقة تسليم أمر الاستملاك.

وقد بدأت المحكمة بتطوير نظرية الاحتلال طويل الأمد Prolonged Occupation))[64] من خلال هذه القضية ومن خلال القضية التي سبقتها[65]. حيث بدأت تتحدث عن العامل الزمني، أي الوقت الذي مر منذ بدأ الاحتلال، كعامل مؤثر على صلاحيات الحاكم العسكري والتزاماته تجاه السكان المحليين.  وكما جاء على لسان القاضي شيلا في هذه القضية:

“عندما نطبق حكم المادة 43، اليوم، بعد مرور أربعة عشر عاما على الاحتلال، فلا سبيل إلى للتحدث بعد الآن عن “إعادة” النظام والحياة الاجتماعية، إذ تم إعادتها منذ وقت طويل، وإنما الحديث عن “ضمانها”. وما المقصود “بضمان” النظام والحياة الاجتماعية؟. الجواب المفروض هو: تفعيل نظام حكم صحيح، على أذرعه المختلفة، التي تعمل في الدول المتطورة، بما في ذلك الأمن، الصحة، التعليم، الشؤون، وأيضا جودة المعيشة والسير…”[66].

وفي مقطع آخر من نفس القرار، أردف على هذا النهج، قائلا بصراحة:

“في الحقيقة، ليس “الحظر” المذكور في المادة 43، “جازما” على الإطلاق، والسؤال هو سؤال أفضلية وسهولة طرق تحقيق الهدف المذكور في الفقرة الأولى، أي “ضمان الحياة الاجتماعية”، تعبير أقترح تفسيره، كوجود حكم، يحافظ على حقوق المواطن، ويهتم لرفاهية غالبية السكان. وإذا كان تحقيق هذا الهدف، يتطلب عدم الالتزام بقوانين قائمة، مسموح، بل هو واجب عدم الالتزام بها[67].

هكذا أيضا على سبيل المثال، قام الجيش الإسرائيلي من خلال الأمر العسكري رقم 658 لسنة 1976، بفرض ضريبة جديدة في الأراضي الفلسطينية، ألا وهي ضريبة القيمة المضافة[68]. وحسب المادة 48 من اتفاقية لاهاي، يستطيع المحتل الاستمرار بجباية الضرائب التي كانت تجبيها الدولة ذات السيادة، حسب نفس القواعد السابقة[69].

وقد ادعى الجيش، أنه يوجد ضريبة مشابهة في إسرائيل، وعليه كان يجب وضع ضريبة مقابلة في الضفة لتمكين استمرار التجارة مع إسرائيل. أي أن لإسرائيل مصلحة واضحة في فرض هذه الضريبة.

وقد عرض الأمر العسكري المذكور أمام المحكمة العليا في قضية أبو عيطه[70]. وقد رفضت المحكمة الالتماس المذكور أيضا، معللة ذلك بالصلاحية الواسعة للحاكم العسكري حسب المادة 43. كما اعتبرت في قرارها، أنه “لا توجد قاعدة عرفية في القانون الدولي تمنع في كل الحالات تغيير قوانين الضرائب القائمة”[71]. وقد تعرض هذا القرار للنقد أيضا[72].

من الواضح، أنه بعد هذه القرارات، لم تعد أمام الحاكم العسكري أية معيقات أو حواجز في عملية تعديل القوانين، بل منحته المحكمة العليا صلاحيات واسعة لم يرد ذكرها على الإطلاق في اتفاقية لاهاي وجنيف معتمدة على نظرية الاحتلال طويل الأمد لتبرير قراراتها. الأمر الذي سهّل بشكل كبير على الحاكم العسكري عملية التشريع.

2.2) المطلب الثاني: خلق نظام قانوني خاص بالمستوطنات

الحاكم العسكري استغل الحرية التي منحتها له المحكمة، ليس فقط لتغيير النظام القانوني في الضفة الغربية بشكل عام، وإنما أيضا لخلق نظام قانوني خاص في المستوطنات، تابع من جميع مكوناته للنظام القانوني الإسرائيلي.

في حقيقة الأمر، خلق النظام القانوني الخاص في المستوطنات، تم عن طريق آليتان:

الآلية الأولى: تشريعات للكنيست الإسرائيلي تسري على سكان المستوطنات بشكل شخصي.

الآلية الثانية: إصدار أوامر عسكرية، تتعلق في المستوطنات.

وعليه، سنقف فيما يلي على كل واحدة من هذه الآليات.

2.2.1) القسم الأول: تشريعات الكنيست المتعلقة بالمستوطنات

كان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) فعالا منذ بداية الاحتلال في سن تشريعات لتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنين في الضفة الغربية بشكل شخصي، ولتعالج أمورهم كما لو كانوا يسكنون داخل إسرائيل.

هكذا تم تمديد أنظمة الطوارئ بقانون، بحيث تقرر أن المحاكم الإسرائيلية هي المخولة للبت في المخالفات الجنائية التي ينفذها إسرائيليين داخل الضفة الغربية[73]. كما أوضحت المادة 15 من القانوني الجنائي الإسرائيلي، أن القانون الجنائي الإسرائيلي يحل على مخالفات جنائية ارتكبها إسرائيليون خارج البلاد[74]. وقد أخلت هذه الأنظمة، بالسلطة المكانية للقانون، حيث من المفروض أن يخضع أشخاص داخل منطقة معينة لنفس النظام القانوني السائد في تلك المنطقة[75]

أما بخصوص عملية التصويت للبرلمان الإسرائيلي فقد تم تعديل قانون الانتخابات للكنيست لسنة 1969، بحيث يتيح إدخال مواطنين إسرائيليين عنوانهم في المناطق المحتلة لسجل الناخبين الإسرائيلي[76].

أيضا وضع البرلمان الإسرائيلي تعديل لقانون ضريبة الدخل، بحيث أعتبر أي دخل من قبل إسرائيلي أو شركة إسرائيلية داخل منطقة الضفة الغربية، كما لو تم إنتاجه داخل إسرائيل وعليه يسري عليه قانون ضريبة الدخل الإسرائيلي[77]. أيضا تم تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة الإسرائيلي على معاملات تجارية بين مواطنين إسرائيليين في الضفة الغربية[78]. إذا، على الرغم من أن التطبيق للقوانين المذكورة، هو تطبيق شخصي (Personal) إلا انه بالنتيجة تطبيق لقوانين إسرائيلية على مناطق خارج إسرائيل.

أيضا تم تعديل قانون الجنسية الإسرائيلي، بحيث يتعامل مع واقع نشوء المستوطنات خارج دولة إسرائيل. فبينما أعطى القانون سابقا حق الجنسية للأولاد الذي يولدون في إسرائيل، وعليه لم يكن ليحل على أولاد المستوطنين في الضفة الغربية، تم تعديل القانون بحيث تمنح الجنسية لأولاد المستوطنين الذي يحملون الجنسية[79].

أيضا تم تعديل قانون مراقبة المنتجات الإسرائيلي، بحيث يستطيع الوزير المسئول عن تنفيذ هذا القانون إصدار أوامر تسري أيضا على مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة[80].

تم أيضا تعديل قانون ضريبة التحسين الإسرائيلي بحيث يسري على صفقات عقارية يجريها إسرائيلي في الضفة الغربية. وكما جاء في المادة 16(ب) من القانون:

“مواطن إسرائيلي يبيع أو يشتري حق في أراضي في المنطقة (يهودا والسامرة وقطاع غزة)، ينظر إليه من أجل هذا القانون وكأنه يبيع أو يشتري حق في أراضي داخل إسرائيل”[81].

أذا تم تطبيق قانون ضريبة التحسين الإسرائيلي على صفقات عقارية يجريها مستوطنين في الضفة الغربية. إلا أن التدخل الأكبر للبرلمان في مكانة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، كان عن طريق قانون تعديل وتمديد أنظمة الطوارئ لسنة 1984[82]، مع تعديلاته لاحقا. القانون قام بتطبيق مجموعة من القوانين التي وردت في الملحق[83] للقانون على المستوطنين الإسرائيليين على الرغم من سكنهم خارج إسرائيل. كما سمحت المادة 4(أ) من القانون لوزير العدل بتعديل الملحق المذكور بحيث يتم إضافة قوانين أخرى غير تلك التي وردت في الملحق.

كما منحت المادة 3(ب) من القانون صلاحية لرئيس دائرة الأجراء (التنفيذ) في إسرائيل في تفعيل صلاحياته ضد مدين إسرائيلي في المستوطنات. وهكذا، تم فرض سلطة القانون الإسرائيلي والقرارات الصادرة عن محاكمه على المستوطنات كأنها جزء من دولة إسرائيل تستطيع دائرة التنفيذ اتخاذ كافة الإجراءات فيها ضد المدينين الإسرائيليين. كما منحت صلاحيات للشرطة الإسرائيلية على السكان الإسرائيليين في “المنطقة” وكأنهم يعملون داخل إسرائيل[84].  واعتبر أعضاء الدفاع المدني الذين يعملون في المستوطنات كأفراد شرطة إسرائيلية[85]

أما بالنسبة للخدمات الصحية، فقد تقرر منح هذه الخدمات للسكان الإسرائيليين في المستوطنات، كما تمنح وفق قانون التأمين الصحي لسنة 1994 في إسرائيل[86].

مما ورد أعلاه، يتبين أن البرلمان الإسرائيلي قام بتطبيق مجموعة من القوانين الإسرائيلية على المستوطنين في الضفة الغربية، بشكل شخصي. ولكن بهذه الطريقة أصبحت هذه المستوطنات شبه مقاطعات إسرائيلية في الضفة الغربية يسري فيها القانون الإسرائيلي، بخلاف القانون الذي يسري على باقي المناطق في الضفة الغربية.

2.2.2) القسم الثاني: تشريعات الحاكم العسكري المتعلقة بالمستوطنات

البرلمان الإسرائيلي لم يكن الجهاز الفعال الوحيد في عملية تغيير القوانين في الضفة الغربية. بل شاركه وواكبه بذلك الحاكم العسكري. فالتشريعات ذات الصلة المكانية، والتي يصعب على البرلمان الإسرائيلي تطبيقها على المستوطنات،  أكمل عنه العمل التشريعي الحاكم العسكري، الذي كان قد باشر أصلا عملية تغيير واسعة في النظام القانوني القائم في الضفة الغربية بشكل عام. حيث بدأ بوضع تشريعات تقرب النظام القانوني في الضفة الغربية بشكل عام منه في إسرائيل، وبدأ أيضا بوضع تشريعات تتعلق في المستوطنات بشكل خاص.

هكذا صدر الأمر بشأن المرور(أصول السير) (رقم 399) لسنة 1970[87]، والذي طبق أنظمة سير مشابهة لتلك المتبعة في إسرائيل. كما تم فرض التأمين الإلزامي وإدخال قانون تعويض مصابي حوادث الطرق كما هو الحال في إسرائيل[88]

كما بدأ الحكم العسكري بتنظيم السلطات المحلية للمستوطنات. حيث باشر ذلك في أمر إدارة مستوطنة كريات أربع (يهودا والسامرة)(رقم 561) لسنة 1974[89]. ومنذ سنة 1979، قام الحكم العسكري بتنظيم السلطات المحلية واللوائية للمستوطنات. حيث صدر الأمر بشأن إدارة السلطات اللوائية (يهودا والسامرة)(رقم 783) لسنة 1979[90]، والذي منح هذه السلطات، سلطات محلية على مناطق المستوطنات، ومنحها مكانة سلطات محلية في إسرائيل.

 وكما لخص الواقع القانوني لسكان المستوطنات الكاتب روبينشتاين:

“مواطن معلي أدوميم مثلا، يخضع لأول وهلة، للحكم العسكري وللقانون الأردني المحلي، ولكن في حقيقة الأمر هو يعيش حسب القانون الاسرائيلي من ناحية قانونه الشخصي، ومن ناحية السلطة المحلية التي يسكن فيها. الحكم العسكري ليس إلا لافتة عن طريقها بعمل القانون والنظام الإسرائيليين. أيضا، عندما لا يكون هنالك أوامر عسكرية مباشرة تطبق قواعد مكانية، الواقع على الأرض يميز بين المستوطنات اليهودية والقرى العربية: خدمات البريد والهاتف للمستوطنات اليهودية تعطى حسب الإجراءات التي تعطى بها في إسرائيل بواسطة وزارة الاتصالات وشركة بيزك. الخدمات للقرى العربية، تعطى بشكل مختلف، بواسطة ضباط الحكم العسكري، وبأجراءت مختلفة تماما وأقل من مستوي الخدمات التي تعطى للمستوطنات اليهودية”[91].

أذا كما رأينا أعلاه، فقد اشترك البرلمان الإسرائيلي مع الحاكم العسكري في تغيير النظام القانوني في المستوطنات. رأينا أنه تم تطبيق القانون الجنائي الإسرائيلي على سكان المستوطنات. تم تطبيق قانون التنفيذ على المستوطنات، وبواسطته تطبق فعليا سلطة القانون الإسرائيلي. تم منح الخدمات المختلفة، وفق القانون الإسرائيلي. تم فرض قوانين الضرائب على المستوطنات. تمت أدارة المستوطنات بسلطات محلية تابعة لإسرائيل. والنتيجة كانت خلق مناطق تابعة لإسرائيل، من الناحية القانونية في الضفة الغربية، يسري فيها نظام قانوني مختلف عما هو الحال في باقي مناطق الضفة الغربية.

2.3) المطلب الثالث: تطبيق قوانين العمل الإسرائيلية في المستوطنات

في داخل المستوطنات نشأت مصانع أو مشاعل مختلفة، عمل بها إسرائيليين كما عمل بها فلسطينيين. في حال نشب خلاف عمل بين عامل إسرائيلي ومشغل إسرائيلي، لم يكن هنالك أي خلاف بين الأطراف أن القانون الواجب التطبيق هو مجموعة قوانين العمل الإسرائيلية.  وتدخلت هذه القوانين بعلاقة العمل، بحيث تم تحديد الحد الأدنى للأجور، وفرض المساواة بالأجرة وغيرها من القوانين التي تحمي حقوق العامل.

ولكن عندما نشب خلاف بين عمال فلسطينيين ومشغلين إسرائيليين داخل المستوطنات، أدعى المشغلون، بان ليس للعمال الفلسطينيين الحق بالمطالبة بالحقوق العمالية وفق القانون الإسرائيلي، إذ أنهم يعملون  في الضفة الغربية، والتي يسري عليها قانون العمل الأردني الذي لا يمنح تلك الحقوق الممنوحة في القانون الإسرائيلي. موقف محكمة العمل اللوائية أيد موقف العمال المشتكين، بينما أيدت محكمة العمل القطرية موقف المشغلين. نتيجة للخلاف الحاصل، عرضت القضية أمام المحكمة العليا في قضية فايز سليمان وآخرون[92]، حيث توصلت المحكمة إلى النتيجة بان قانون العمل الواجب التطبيق على العلاقة العمالية في هذه الحالة هو قانون العمل الإسرائيلي. وعليه سنستعرض فيما يلي حيثيات القضية وتعليل المحكمة لقرارها المذكور.

تتعلق القضية المذكورة بقضايا رفعها عدة عمال فلسطينيين لمحاكم العمل المختلفة في إسرائيل ضد مشغلين إسرائيليين، مقر أعمالهم في الضفة الغربية داخل المستوطنات. من  بين المشتكى عليهم كان المجلس المحلي لمستوطنة جفعات زئيف ومجموعه من الشركات الإسرائيلية التي كانت تشغل عمال فلسطينيين داخل المستوطنات.

السؤال الذي طرح في القضايا المختلفة، ما هو القانون الواجب التطبيق على علاقة العمل بين العمال الفلسطينيين سكان الضفة وبين المشغلين الإسرائيليين، حيث مكان العمل هو المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة؟.

يذكر أن العمال الفلسطينيين في القضايا المرفوعة المختلفة كانوا قد طالبوا أن تحكم لهم المحكمة بحقوق عمل مختلفة حسب القانون الإسرائيلي، لم يف بها المشغلين خلال فترة عملهم، مثل الحد الأدنى للأجرة حسب القانون الإسرائيلي.

محاكم العمل المحلية المختلقة، التي رفعت القضايا أمامها، اعتبرت أن القانون الواجب التطبيق على العمال الفلسطينيين في المستوطنات هو قوانين العمل الإسرائيلية.

المحكمة توصلت إلى التقييم المذكور “على أساس رغبة الأطراف وتوقعاتهم وعلى أساس تحليل القانون الذي له غالبية الصلات بالعقد، وأيضا بالأخذ بعين الاعتبار الصفات الخاصة لقوانين العمل التي تدخل إلى العقد بواسطة مبدأ حماية النظام العام”[93].

المشغلون تقدموا باستئناف على القرارات المذكورة إلى محكمة العمل القطرية في إسرائيل، ادعوا فيه انه لا يمكن تطبيق قوانين العمل الإسرائيلية على العمال الفلسطينيين في الضفة الغربية.

محكمة العمل القطرية من اجل إجابتها على القانون الواجب التطبيق على عقود العمال المذكورة، تطرقت إلى القانون الواجب التطبيق في الضفة الغربية بشكل عام، والى قواعد القانون الواجب التطبيق على العقود التي تكون أطرافها تابعين لأنظمة قانونيه مختلفة، أي جنسيات مختلفة. محكمة العمل القطرية قررت “انه كقاعدة أساسية، في غياب صلات قوية التي تربط العقد بقانون مكان أخر يحل على عقود العمل القانون المطبق في مكان العمل”[94].

خلال توصله إلى النتيجة أعلاه، اعتمدت محكمة العمل القطرية على المادة 2 من المنشور بشأن أنظمة السلطة والقضاء (منطقة الضفة الغربية)(رقم 2) لسنة 1967[95]، والتي جاء بها كما يلي:

“2. مفعول القوانين القائمة

أن القوانين التي كانت قائمة في المنطقة بتاريخ 7 حزيران 1967 تظل نافذة المفعول بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع هذا المنشور أو أي منشور أو أمر يصدر من قبلي، وبالتغييرات الناجمة عن إنشاء حكم جيش الدفاع الإسرائيلي في المنطقة”.

محكمة العمل القطرية أوضحت على أساس المادة أعلاه، أن القانون الساري المفعول في الضفة الغربية مكون من القانون الأردني في المناطق حتى سنة 1967، ومن أوامر عسكرية التي أصدرها الحاكم العسكري منذ ذلك الحين والى اليوم، إلى هذا القانون أضيفت قواعد قانونية إسرائيلية داخلية، والتي تم إحلالها بشكل شخصي على المواطنين الإسرائيليين الذين يسكون بالضفة الغربية، ولكن ليس على كل المناطق أو على كافة سكانهم. بناءاً على ذلك اعتبرت محكمة العمل القطرية، انه في غياب قاعدة قانونية تُطبق بشكل واضح قانون العمل الإسرائيلي على المناطق، يسري هنالك قانون العمل الأردني كما تم تعديله بالأوامر العسكرية.

وعليه تتوقف المحكمة لفحص إمكانية وجود قواعد قانونية التي يمكن حسبها إحلال قواعد من القانون الإسرائيلي على أعمال الفلسطيني الذين يعملون لدى مشغلون إسرائيليين. في غياب قاعدة واضحة في عقد العمل بخصوص القانون الواجب التطبيق، ولا يوجد تعبير عن إرادة الأطراف بهذا الخصوص توجهت محكمة العمل القطرية من أجل اختيار القانون الواجب التطبيق لبحث كافة الصلات التي يمكن أن تربط الأطراف إلى الضفة الغربية من جهة واحدة أو إلى إسرائيل من جهة أخرى. محكمة العمل القطرية اعتبرت أن “الصلات الإسرائيلية بالعقد (بما في ذلك، كون المشغل إسرائيلي، دفع الأجر بالعملة الإسرائيلية، كتابة المستندات المختلفة بالعقد باللغة العبرية، الأخذ بأيام العمل الرسمية، الأعياد كما هو بإسرائيل، دفع الضرائب لمؤسسات الطرف الإسرائيلية) غير كافية لتطبيق القانون الإسرائيلي على العقد”.

بالمقابل اعتبرت المحكمة، أن كون الضفة الغربية هي مكان إبرام العقد، ومكان العمل الأساسي، وان العمال كلهم سكان الضفة الغربية، هذه الحقائق ترجح الكف لتطبيق القانون المحلي الساري المفعول في الضفة الغربية، وهو القانون الأردني وعليه قررت محكمة العمل القطرية إلغاء القرار وإعادة القضايا لبحثها من جديد في محاكم العمل المحلية على أساس القانون الواجب التطبيق التي توصلت له أعلاه.

الالتماس لمحكمة العدل العليا

على القرار المذكور لمحكمة العمل القطرية قدم التماس إلى محكمة العدل العليا، الأحد التماس رقم 03/5666. بعد مداولات وعدة جلسات أصدرت محكمة العدل العليا في الآونة الأخيرة وتحديداً في تاريخ 10/10/2007 قرارها في القضية المذكورة، وفقاً له قررت إلغاء قرار المحكمة القطرية، واعتبرت أن القانون الواجب التطبيق في المستوطنات الإسرائيلية على العمال الفلسطيني هو قانون العمل الإسرائيلي. سنرى فيما يلي كيف توصلت المحكمة العليا إلى هذه النتيجة.

كتب القرار الأساسي للمحكمة العليا القاضي إليعزر ريفلين الذي وافقه القرار كافة قضاة المحكمة العليا. القاضي سليم جبران بعد أن وافق على قرار القاضي ريفلين أضاف أيضا رأيه الخاص في القضية. وعليه سنرى أدناه، كيف يورد كل من القضاة راية بخصوص إحلال قانون العمل الإسرائيلي في المستوطنات.

قرار القاضي ريفلين:

بدأ القاضي ريفلين قراره بالوقوف على الإطار القانوني المحلي في المستوطنات، موضحاً أن المحكمة العليا قررت في عدة قرارات أن مناطق الضفة الغربية تقع تحت الحيازة العسكرية أو الحكم العسكري لدولة إسرائيل، على ما يؤثر ذلك على القانون الواجب التطبيق، موجها إلى القرار الذي صدر في قضية جمعية الإسكان[96] وقرارات أخرى[97]:

“يهودا والمسامرة تقع تحت الحيازة الحربية أو العسكرية لدولة إسرائيل (Belligerent Occupation) في المناطق تم إقامة حكم عسكري، يقف على رأسه الحاكم العسكري. الحاكم العسكري يستقي سلطاته وصلاحياته من قواعد القانون الدولي العام، بشان الحكم العسكري. حسب هذه القواعد كل سلطات الحكم والإدارة مودعه بيدي الحاكم العسكري. هذه الصلاحيات يمكن أن تستقي من القانون الذي كان قائما في المناطق قبل الحكم العسكري، أو يمكن أن تستقي من قوانين جديدة، التي سنها الحاكم العسكري… في الحالتين، استعمال الصاحية يجب أن يطبق قواعد القانون الدولي العام، بشان الحكم العسكري، وأيضا مبادئ القانون الإداري الإسرائيلي، بشان استعمال صلاحيات حكم من قبل موظف عام (قرار جمعية الإسكان)”.

أوضح القاضي ريفلين أيضا، انه قد تقرر سلفاً، أنه من حيث المبدأ، القانون والإدارة لدولة إسرائيل لا يسريان في مناطق الضفة الغربية[98]. كما أوضح القاضي، أن إسرائيل على مر السنين امتنعت بشكل إرادي من تطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق الضفة الغربية وغيره وبخلاف ذلك طبقت القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية[99].

المحكمة فصلت في قرارها بين القانون الذي يحل في الضفة الغربية على السكان الفلسطينيين وبين القانون الذي يطبق في الضفة الغربية على السكان الإسرائيليين.

بالنسبة للقانون الذي يحل على السكان الفلسطينيين، أوضحت المحكمة أن القانون المذكور مكون من عدة طبقات:

  1. في الطبقة الأولى، هو القانون الذي كان قائماً بالضفة الغربية حتى سنة 1967، وهو القانون الأردني.
  2. في الطبقة الثانية، الأوامر التي أصدرها الحاكم العسكري، والتي هي بمثابة تشريعات رئيسية وأنظمة في المناطق[100].

حسب رأي المحكمة فان الوضع القانوني المذكور يتماشى مع موقف القانون الدولي العرفي بالنسبة للقانون الواجب التطبيق في المناطق التي تقع تحت الحيازة العسكرية، كما أوضح ذلك في المادة 43 لاتفاقية لأصلي الرابعة بشان قوانين وأعراق الحرب في اليابسة لسنة 1907[101].

يختلف الأمر، حسب رأي المحكمة بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على السكان الإسرائيليين في الضفة الغربية. “بالنسبة لهم توجد طبقة قانونيه منفصلة والمعروفة باسم “قانون “المستوطنات”، التي تشمل تشريعات إسرائيلية داخلية التي تمت تطبيقها بشكل شخصي على المواطنين الإسرائيليين أو الذي يحق لهم أن يكونوا مواطنين إسرائيليين ويسكنون بالمناطق فقط”[102].

بعد هذه الملاحظات توضح المحكمة انه “فعلاً، النظام القانوني الذي يحل على سكان المناطق، إسرائيليين وفلسطينيين هو خاص ومعقد”[103]. وعليه حسب رأي المحكمة يجب الفصل بين القانون الدولي العام وبين القانون الدولي الخاص، والذي يحلان على المناطق بشكل عام، وعلى عقود العمل بشكل خاص.

قواعد القانون الواجب التطبيق في المناطق بين القانون الدولي العام والخاص

في البداية توضح المحكمة، انه لا يوجد خلاف انه بخصوص الأراضي المحتلة، المحاكم في إسرائيل ملزمة بقواعد المنشور وقواعد القانون الدولي العرفي[104]. مع ذلك فقد قررنا سابقاً “أن ذلك وحده لا يمنع المحكمة من أن تطبق القانون الإسرائيلي على أحداث وقعت في المناطق، عندما يكون هنالك مكان لتطبيق من هذا النوع بسبب قواعد القانون الدولي الخاص”[105].

بناء على ذلك أوضحت المحكمة ما يلي:

“بكلمات أخرى، في حين أن القانون الدولي العام يحدد ما هو قانون المكان، أي ما هو القانون إلي يحل بشكل عام، في منطقة جغرافية “منطقة يهودا والمسامرة”، فان القانون الدولي الخاص يحدد ما هو القانون الواجب التطبيق في حالة خلاف معين في إطار القانون الخاص”[106].

وعليه تستمر المحكمة وتقول، أن القانون العام وقواعد المنشور يقولون لنا بشكل عام، أن القانون الذي يحل في الضفة الغربية وفي داخل المستوطنات الإسرائيلية في هذه المناطق هو القانون الأردني حسب سريانه في موعد السيطرة على المناطق من قبل الجيش الإسرائيلي، ولكن ذلك لا يكفي ليقرر بشكل أكيد أن قواعد القانون الدولي الخاص تحدد أن القانون الأردني هو الذي يحل على اتفاقيات العمل المعطاة امام المحكمة. كما تقول المحكمة انه ليس هنالك أهمية لحقيقة انه لم يتم أحلال قانون العمل الإسرائيلي على الضفة الغربية.

حسب رأي المحكمة فان القانون الواجب التطبيق على عقود العمل المعطاة أمام المحكمة، يجب أن يتقرر حسب قواعد القانون الدولي الخاص كما تم تفسيرها من قبل المحكمة.

وقبل مباشرة البحث في قواعد القانون الواجب التطبيق حسب القانون الدولي الخاص توضح المحكمة منعاً للبس ما يلي:

“من اجل توضيح الأمور، نوضح أن القرار في إطار قواعد القانون الواجب التطبيق، انه على عقد معطى ابرم في الضفة الغربية أو احد أطرافه هو من سكان الضفة الغربية يسري القانون الإسرائيلي، ليس به ليؤثر على المكانة السيادية لهذه المناطق. كما قلنا “حقيقة تطبيق قاعدة إسرائيلية معينه على مكان معين خارج الدولة لا يجعل ذلك المكان لجزء من إسرائيل””[107].

بعد هذه الملاحظة توضح المحكمة انه في إسرائيل لا توجد قواعد بخصوص القانون الواجب التطبيق في مجال العمل، وعليه تقول المحكمة أنها ستبحث أولا عن قواعد القانون الواجب التطبيق في العقود بشكل عام، ومن ثم ستنتقل لفحص ملائمة هذه القواعد لعلاقات العمل.

اختيار القانون الواجب التطبيق في العقود

في البداية توضح المحكمة انه في إسرائيل لا يوجد قانون عام ينظم اختيار القانون الواجب التطبيق في القانون الخاص. يذكر أن الخبير القانوني لفونتين، كان قد وضع في سنة 1987 اقتراحاً قانونياً شاملا لاختيار القانون الواجب لتطبيق في المجالات المختلفة[108]. إلا انه تم إهمال هذا الاقتراح، وحتى ألان لم تسن الكنيست الإسرائيلي قانون من هذا النوع، مع ذلك يمكن إيجاد بعض من هذه القواعد في تشريعات معينة، ولكن ليس في كل المجالات.

حقل العقود هو من الحقول التي لم توضع به إلى ألآن قواعد القانون الواجب التطبيق في قانون واضح.

في اقتراح القانون أعلاه، كان لفونتين قد اقترح أن يكون القانون الواجب التطبيق على العقود هو حسب إرادة الأطراف، أي وفق القانون الذي اختاره الأطراف[109]. أما في حال عدم اتفاق الأطراف على قانون معين، يقترح لفونتين أن يتم معاينة العقد على ضوء الظروف التي تحيطه[110].

إلا أن في اقتراح لفونتين لم يقبل إلى الآن، وعليه توضح المحكمة انه في غياب قواعد لتنظيم القانون الواجب التطبيق، يكون على المحكمة أن تقوم بتنظيم قواعد القانون الواجب التطبيق التي ستحل على الموضوع[111].

وعليه بخصوص القانون الواجب التطبيق على العقود، تقول المحكمة:

“المبدأ الأساسي في قوانين العقود، هو احترام استقلالية الإرادة الخاصة للأطراف من اجل تحقيق توقعاتهم المقبولة، يقف أيضا في أساس قواعد القانون الواجب التطبيق في العقود. وعليه، بشكل عام، قانون العقد هو القانون الذي اتفق عليه الأطراف، ولكن، في حال لم يوضحوا الأطراف رغبتهم، يكون هنالك حاجة للبت فيما هو القانون صاحب العلاقة الأقوى بالصفقة”[112].

…..

“التركيز على صلة معينه، مثل مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه، وتطبيق القانون المتبع في ذلك المكان قد يكون حلاً واضحاً وسهلاً، ولكن في إسرائيل، كما في غالبية الأنظمة القانونية الغربية، يتبع اليوم فحص طيع وواسع من اجل التعرف على قانون العقد. يجري هذا الفحص على أساس عدة مؤشرات والاهم من بينها هي الإرادة الواضحة للأطراف. غياب إرادة واضحة يوجب البحث عن نية الأطراف حسب عوامل خارجية. في كلمات أخرى، يكون البحث عن النظام القانوني الذي بناءاً عليه ابرم العقد، هذا هو النظام الذي له العلاقة الأقوى للصفقة”[113].

من اجل ذلك، يجب فحص كل عقد حسب ظروفه، ووفق عدة مؤشرات موضوعية، منها، مكان إبرام العقد، مكان تنفيذه، جنسية أطراف العقد، العملة للدفع وغير ذلك.

وقد أوضحت المحكمة أن هذه هي الطريقة التي اختارتها الدول الغربية، وانه قد قلت مكانة النظرية الجغرافية (المكانية) لتطبيق القانون، التي كان لها دوراً مركزياً في القانون الانجليزي والأوروبي حتى منتصف القرن العشرين.

يمكن أن نجد أمثله على النهج الحديث أعلاه في اتفاقية روما لسنة 1980 التي تعني بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات القانونية[114].

وعليه توضح المحكمة انه حسب المنهج الجديد، هنالك توجه قانوني واضح، وفقاً له وفي حالة غياب اتفاق الأطراف على القانون الواجب التطبيق، يحل على العقد قانون الدولة التي له اكبر العلاقة بالعقد (Most Substantial Contacts).

وتستمر المحكمة وتقول، انه ليس من المفروض اعتبار العلاقة الجغرافية، العامل الوحيد والمقرر لاختيار القانون الواجب التطبيق على العقد، ويجب الفصل بين الالتزامات التعامدية والالتزامات غير التعامدية. فمثلاً قررنا سابقاً انه في عقد الأضرار يجب اختيار قانون المكان الذي وقع قيد الفعل. على غير ذلك، الالتزام التعامدي، ليس مرتبطاً بشكل أكيد في مكان إبرامه أو مكان تنفيذه، إنما قد يكون مرتبطاً، بعلاقات مختلفة بقانون أخر[115].

كما أوضحت المحكمة أنه من خلالها بحثها في القانون الواجب التطبيق، أن المحكمة تستطيع الأخذ بعين الاعتبار اعتبارات منهجية عامه، والمبادئ العامة للقانون التي يتم فحص أمكانية تطبيقه، وذلك من أجل التوصل إلى قرارات عادلة معتمدة على ما جاء بهذا الخصوص في كتاب الباحث ميخائيل كريني[116].

اختيار القانون الواجب التطبيق على علاقات العمل

بعد أن بحثت المحكمة، قواعد اختيار القانون الواجب التطبيق في العقود بشكل عام، توجهت لفحص القواعد بخصوص علاقات العمل. المحكمة أقرت، أنه من حيث المبدأ، قاعدة فحص “غالبية الصلات” هي قاعدة مناسبة لاختيار القانون أيضا في علاقات العمل[117]. مع ذلك، يجب أن نتذكر بأن عقد العمل ليس بالعقد العادي, وأن قوانين العمل هي فرع منفصل من قوانين العقود. إذ أنه في غالبية دول العالم، تم سن تشريعات تعالج علاقة العمل، ولهذه التشريعات تأثير كبير على قواعد اختيار القانون الواجب التطبيق بخصوص عقود العمل. على سبيل المثال، توجه المحكمة للمادة 6(2) من اتفاقية روما. وحسب هذه المادة، القاعدة الأساسية لاختيار القانون الواجب التطبيق، هي قاعدة جغرافية (مكان تنفيذ العمل أو مكان إقامة المشغل)، ألا إذا كانت “غالبية الصلات” التي تحيط بالعقد، تربطه لقانون دولة أخرى، بينه وبينها علاقة أقرب.

في القانون الإسرائيلي، جانبين يسريان على علاقات العمل، جانب اتفاقي-داخلي، وجانب آمر-خارجي، ويخضع الجانب الأول للجانب الثاني. حقوق والتزامات الأطراف في عقد العمل، لا تقتصر على عقد العمل ذاته، وإنما تخضع للتدخل الخارجي في العلاقة العقدية للأطراف  من قبل:   تشريعات الحماية الآمرة، قانون العمل العام، وتأثير النظام العام ومبادئ العدالة. توقعات الأطراف واتفاقاتهم في عقد العمل لا تدور في فلك فارغ، وإنما تقع ضمن إطار خراجي تخضع له.

توضح المحكمة أيضا، أن  قاعدة فحص “غالبية الصلات” قد تتأثر من مبادئ قانون العمل. “هكذا على سبيل المثال- قاعدة “غالبية الصلات” في قانون العمل، يجب أن تتأثر بمبدأ المساواة – أجرة وشروط عمل متساوية لأعمال متساوية. هكذا بالنسبة للرجال والنساء، هكذا للآباء وغير الآباء، هكذا بالنسبة لليهود والمسلمين، إسرائيليين وفلسطينيين. هذا التأثير يمكن أن يتحقق من خلال مبدأ النظام العام”[118].  “يمكن أن يتحقق أيضا من خلال مبدأ أساسي في القانون الذي يتم فحص أمكانية تطبيقه”، أو “يمكن أن يتحقق من خلال مبدأ أساسي في قانون القاضي”[119]. الإساءة إلى المساواة في علاقات العمل يمكن أن تعتبر أيضا إساءة لحقوق محفوظة في القانون الأساسي: كرامة الإنسان وحريته وحقوق محفوظة في القانون الأساسي: حرية المهنة[120].

بعد سرد خاصية علاقات العمل في اختيار القانون الواجب التطبيق، توجهت المحكمة لبحث القضية المرفوعة أمامها. في بداية الأمر أوضحت المحكمة، أنه لم ترد أية مادة في عقود العمل التي عرضت أمامها، توضح القانون الواجب التطبيق، وعليه لم يوضح الأطراف صراحة ما هو القانون الواجب التطبيق[121].

بشكل عام وبغياب تعبير عن إرادة الأطراف، الأخذ بالعلاقة الجغرافية كان يمكن أن يؤدي إلى النتيجة أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الأردني, ولكن المحكمة ترفض تطبيق هذه القاعدة، وتقول أن القاعدة الأنسب للتطبيق، هي قاعدة “غالبية الصلات”. حسب رأي المحكمة تطبيق هذه القاعدة على علاقة العمل بين المشغلين الإسرائيليين وبين العمال الفلسطينيين في المستوطنات تؤدي إلى النتيجة أن القانون الواجب التطبيق على هذه العلاقة هو القانون الإسرائيلي. أن تطبيق هذا القانون يتماشى أيضا مع توقعات الأطراف، كما ويتلاءم مع الوضع القانوني الخاص السائد في المستوطنات. حسب رأي المحكمة، أن مبادئ النظام القانوني تدعم هذه النتيجة. حسب هذه  المبادئ يجب التوصل لحل يحقق المساواة لكل العمال. فلا يعقل، أن تسري على العامل الإسرائيلي الذي يعمل في المستوطنة، قوانين وحقوق مختلفة عن العامل الفلسطيني الذي يؤدي نفس العمل ويعمل لدى نفس المشغل و”ممنوع التمييز بينهم”[122]. “صفات العلاقة القانونية هي نفس الصفات. التمييز على أساس الجنسية أو القومية هو تمييز باطل”. “تطبيق نظاميين قانونيين على عمال يعملون سوية، لدى نفس المشغل، ستؤدي بالضرورة لخلق تمييز فاسد. قواعد اختيار القانون في قانون العمل لم تأتي لتكفر عن هذه النتيجة. هذه القواعد، التي تتأثر من المبادئ الأساسية للمجتمع الإسرائيلي، وقواعد أساسية في المجتمع الدولي، جاءت لتمنع تشغيل العمال بشك غير متساوي، حيث يكون التمييز على أساس تبعيتهم القومية والعرقية للعمال”.

القاضي سليم جبران، انضم إلى القرار أعلاه للقاضي ريفلين، الذي وافقه كل قضاة المحكمة، ولكن أضاف أيضا رأيه الخاص بالقضية. المبدأ الأساسي الذي أعتمده القاضي جبران، لتطبيق القانون الإسرائيلي على العلاقة بين العمال الفلسطينيين في المستوطنات، وبين المشغلين الإسرائيليين، هو مبدأ المساواة. أعتبر القاضي جبران هذا المبدأ من المبادئ الأساسية للنظام القانون الإسرائيلي، موجها إلى قرارات قضائية سابقة لمحكمة العدل العليا، وإلى معاهدات دولية تحفظ حق المساواة للعمال. هكذا وجهه القاضي جبران إلى معاهدة منظمة العمل الدولية، والتي تحظر على التمييز في العمل، والتي تمت المصادقة عليها من قبل 141 دولة، بما في ذلك دولة إسرائيل في تاريخ 59/1/12. ولخص القاضي جبران موقفه قائلا:

“في القضية المعروضة أمامنا، ونتيجة لقرار محكمة العمل القطرية، يظهر أن ما يميز العمال الفلسطينيين عن العمال الإسرائيليين- فيما يخص القانون الذي يسري على عقد العمل- هو حقيقة كون العمال الفلسطينيين، فلسطينيون، سكان السلطة الفلسطينية  وليسوا إسرائيليين مواطني دولة إسرائيل”[123].

باعتماده على هذا المبدأ أعتبر القاضي جبران، أنه لا يمكن تطبيق نظامين قانونيين على نفس العلاقة القانونية. القانون الإسرائيلي على العلاقة بين العامل الإسرائيلي والمشغل الإسرائيلي والقانون الأردني على بين العامل الفلسطيني والمشغل الإسرائيلي. أن تطبيق القانون بهذا الشكل هو تطبيق تميزي يؤدي إلى الإساءة لحقوق العامل الفلسطيني دون أن يكون هنالك أي مبرر قانوني للتمييز.

ما يظهر أعلاه في قرار ألأغلبية، أن المحكمة أخذت بقاعدة خضوع العقد لقانون الإرادة. وبغياب إرادة صريحة وردت في العقود توجهت لبحث الإرادة الضمنية للإطراف، على أساس بحث صلات العقد، وتوصلت إلى النتيجة أن القانون ذا غالبية الصلات في العقد هو القانون الإسرائيلي، وعليه هو قانون الإرادة الضمنية للأطراف. ما من شك أيضا، بأن موضوع الإخلال بمبدأ المساواة، في حال توصلت المحكمة لنتيجة أخرى، قد أثر على قرار المحكمة. إذ أعتبرت أنه من غير المعقول أن يتقاضى العامل الأسرائيلي، لدى نفس المشغل، اجرة وحقوق إقل من العامل الفلسطيني، بخوصوص نفس العمل. المحكمة أعتبرت ان لها سلطة التدخل في هذه الظروف أيضا من منطلق حماية النظام العام، وأيضا لتحقيق مبادئ اساسية يقوم عليها النظام القانوني.

ما من شك، أن عملية تغيير النظام القانوني داخل المستوطنات، تشتمل على إخلال صارخ بالمادة 43 من اتفاقية لاهاي، التي توجب الحفاظ على القانون القائم. حيث تم خلق نظام قانوني مستقل عن باقي مناطق الضفة الغربية وتابع لدولة إسرائيل.

ولكن من الصعب قراءة القرار أعلاه في هذا الإطار. إذ أن قاعدة الإسناد التي أخذت بها المحكمة – قانون الإرادة- هي قاعدة متبعة في دول عديدة منها الدول العربية. الحساسية، هنا من تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات، لما قد يشتمل ذلك من تأثير على الوضع السياسي أو المكانة القانونية للمستوطنات. وكما رأينا، فأن المحكمة كانت تعي هذه الحساسية، ولذلك أوضحت في بداية قرارها [ان تطبيق القانون الاسرائيلي على هذه العلاقة، لا يعني أن هذه المنطقة اصبحت جزءا من دولة اسرائيل.

وكان ممكن التوصل إلى نتيجة مماثلة أيضا إذا طبقنا قاعدة الأسناد المتبعة في دول أخرى. وعليه سنقف هنا على النظريات المتبعة في العقود بشكل عام والدول العربية بشكل خاص.

كانت النظرية الايطالية القديمة تخضع العقد لقانون محل ابرامه، ولم يكن في وسع الأطراف الخروج عن هذه القاعدة[124]. ولكن هذه النظرية تطورت وتغيرت على يد الفقيه الفرنسي ديملان الذي أخضع العقد لقانون الارادة، أي القانون الذي تنصرف ارادة المتعاقدين إلى أختياره صراحة أو ضمنا[125]. ويقف في اساس قاعدة الأسناد في تطبيق قانون الأرادة، أحترام ارادة الأطراف وسلطانها[126]. وهذه هي النظرية التي أخذت بها المحكمة العليا الاسرائيلية، بغياب قاعدة اسناد صريحة في القانون الاسرائيلي.

وقد أخذت التشريعات العربية أيضا بهذه النظرية- أي نظرية إخضاع العقد لقانون الارادة[127]. كما أخذ بهذا المبدأ القانون المدني الأردني. حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 20:

“(1) يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي وجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين أذا اتحدا موطنا فإن اختلفا موطنا يسري قانون الدولة التي تم فيها إبرام العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك”.

وقد تم تفسير هذا النص، على أن القانون الذي يحكم الالتزامات التعاقدية “هو أولا وقبل كل شيء القانون المختار فإذا لم يتفق أطراف العلاقة على اختيار قانون ما  القانون المختار ليحكم علاقتهم التعاقدية يصار عندئذ إلى قانون الموطن المشترك للمتعاقدين فان اختلافا موطنا يعقد الإختصاص إلى قانون بلد أبرام العقد”[128]. وحسب رأي الكاتب حسن الهدواي، “خلو القانون الاردني من نص بذلك [أي- بخصوص الاخذ بالأرادة الضمنية[ لا يعني عدم الأخذ بالأرادة الضمنية، وهي قاعدة عامة لأن الارادة إما أن يعبر عنا صراحة أو ضمنا”[129]. وفي القانون الألماني أيضا، تم الأخذ بقانون الارادة[130]، وبغيابها “بقانون الدولة التي يكون للعقد رابطة قوية معه”[131].

وعليه، يمكن القول، أن المحكمة العليا الأسرائيلية، عند أخذها بقاعدة الإرادة، أو القانون الأقوى صلة بالعقد، لم تكن لتغير الوضع القانوني الدولي للمستوطنات، وأنما أخذت بقاعدة إسناد متبعة في دول عديدة عندما يكون اختلاف في جنسية أطراف العقد وقامت بتطبيقها على عقود العمل التي أمامها.

تجدر الإشارة أيضا، انه كان من الممكن للمحكمة التوصل إلى نتيجة أخرى، معاكسة، نتيجة الصلاحية الواسعة التي تعطيها هذه القاعدة للمحكمة. فبغياب أرادة واضحة، تبدأ المحكمة بعملية البحث عن الأرادة الضمنية، أو القانون الاقوى صلة بالعقد، وهنا يكون للمحكمة  صلاحية واسعة في اختيار ذلك القانون. فقد ترى محكمة معية، صله واحدة أكثر أهمية من غيرها، مثل مكان تنفيذ العقد، وقد ترى محكمة أخرى صلة أخرى أكثر أهمية، مثل أطراف العقد والقانون الأساسي الذي يحكم تصرفاته وعلاقاتهم. على أية حال، من شك، أن وجود نظام قانون خاص في المستوطنات، الذي تعتبر حسبه “شبه جزر قانونية اسرائيلية” في الضفة الغربية، قد أثر كثيرا على رأي المحكمة ورجح الكفة بإتجاه القانون الاسرائيلي كالقانون الواجب التطبيق في هذه الحالة، الامر الذي كان من الممكن أن يختلف لو أن الحاكم العسكري حافظ على النظام القانوني القائم في المستوطنات.

تلخيص

وقفنا في بداية بحثنا أعلاه، على الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية، لما في ذلك تأثير على القانون الواجب التطبيق في هذه الأراضي. رأينا، أن القانون الدولي يرى بالأراضي الفلسطينية أرادي محتلة، وعليه يسري عليها القانون الدولي العرفي والتعاقدي، على الرغم من اعتراض دولة إسرائيل عليها. أوضحنا ايضا، أن المحكمة العليا ميزت بين القانون الدولي العرفي والقانون التعاقدي، وأعتبرت الأول جزءا من القانون الاسرائيلي، وعليه فهو ملزم لأذرعها المختلفة.

كانت هذه النتائج – الأيجابية لأول وهلة- من المفروض ان تؤدي إلى الحفاظ على النظام القانوني الذي كان قائما قبل بدء الأحتلال في الضفة الغربية بشكل عام بما في ذلك في المستوطنات. إذ أن المادة 43 من اتفاقية لاهاي – وهي من القانون العرفي- نصت على الحفاظ على القانون الذي كان قائما قبل بدء الاحتلال.  وصدر في بداية الأحتلال منشور يتماشى مع هذه المادة.

ولكن سرعان ما بدء الحكم العسكري في عملية تغيير واسعة في النظام القانوني القائم، عن طريق أجراء تعديلات على القوانين الأردنية القائمة، أو سن تشريعات جديدة مصدرها لقانون الاسرائيلي، في محاولة واضحة لتقريب النظام القانوني. محاولات التصدي لعملية تغيير النظام القانوني القائم عن طريق التماسات لمحكمة العدل العليا الاسرائيلية باءت بالفشل. إذ أنه، في  تطبيقها لأحكام المعاهدات، اتبعت المحكمة نهج التفسير الواسع، وخرجت عن النصوص الدقيقة والواضحة لأحكام المعاهدات، الأمر الذي أدى إلى منح الحاكم العسكري صلاحيات واسعة لا يرد ذكرها في الاتفاقيات. كما طورت المحكمة نظرية الاحتلال طويل الأمد (Prolonged Occupation)، كأساس تعتمد عليه، لمنح الحاكم العسكري صلاحيات أوسع، بسبب مرور الزمن. وفي القضايا المفصلية، مثل قضايا تعديل القوانين، كانت قرارات المحكمة مخيبة للآمال، ولم ترق إلى المستوى المطلوب، وإلى الحيادية المطلوبة. الأمر الذي منح الحاكم العسكري صلاحيات غير محدودة، تمكنه من تغيير الوضع القانوني القائم في الأراضي المحتلة عشية الاحتلال، بشكل جذري، وهذا ما حصل فعلا.

وقد أدى النهج المذكور للمحكمة، إلى مزيد من الخروق لقواعد القانون الدولي. وبدل أن تكون المحكمة هي الرادع الأساسي للجيش من انتهاك القانون الدولي أو تقويضه، كانت المحكمة تُسهل للجيش تسيير أعماله داخل الأراضي المحتلة[132].

في المقابل بدأت عملية استيطان ضخمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، واكبتها عملية خلق نظام قانوني خاص بهذه المستوطنات. تغير النظام القانوني في المستوطنات، وفصله عن النظام القانوني المجاور في الضفة الغربية، كان بواسطة آليتان أساسيتان. الأولي، تشريعات الكنيست الإسرائيلي، وفقا لها تم تطبيق قوانين اسرائيلية بشكل شخصي على سكان المستوطنات. الثانية، تشريعات للحكم العسكري خاصة بالمستوطنات، قامت بتنظيم سلطاتها المحلية وإتباعها لإسرائيل، وقامت بتنظيم مجالات حياتية مختلفة لسكان المستوطنات. وعليه، على الرغم من وجود هذه المستوطنات على أراضي الضفة الغربية، تم خلق نظام قانوني خاص بهذه المستوطنات تابع لدولة إسرائيل ومستقل عن النظام القانوني القائم في الضفة الغربية بشكل عام.

وعليه، عندما عرضت على المحكمة العليا، قضية عمالية، وكان عليها الفصل في القانون الواجب التطبيق على العلاقة العمالية بين المشغل الإسرائيلي في المستوطنات، وبين العامل الفلسطيني، أخذت المحكمة بعين الاعتبار وبشكل كبير النظام القانوني القائم في هذه المستوطنات. وعليه، في غياب أرادة حرة وصريحة للأطراف بالنسبة القانون الواجب التطبيق، أخذت المحكمة بالقانون الأقوى صلة بالعقد، ورأت، على الرغم من أن العمل يتم داخل المستوطنات، على أن القانون الأقوى صلة بالعقد هو القانون الإسرائيلي. من جهة واحدة، يمكن اعتبار ذلك، بأن المحكمة ترى بالمستوطنات جزءا من النظام القانوني الإسرائيلي، على الرغم من أنها لم تقل ذلك صراحة في قرارها، وهذا ما نميل أليه. من جهة  أخرى يمكن أعتبار ذلك، جزء من تطبيق طبيعي لقواعد القانون الدولي الخاص، بخصوص تطبيق قانون الارادة في العقود، وهي قواعد متبعة في دول عديدة منها الدول العربيه. إلا أنه كما رأينا، في اختيار المحكمة للقانون الأقوى صلة بالعقد، كان هنالك تأثير واضح للنظام القانوني القائم في المستوطنات، الذي تم خلقه علة مدى سنوات عديده كجزء من النظام القانوني الاسرائيلي، وعليه كان له التأثير الأكبر في اختيار القانون الواجب التطبيق على عقد العمل.

                                                                 غـيــاث نــاصـر


[1] على الرغم من اعتراض إسرائيل، على اعتبار الأراضي الفلسطينية أراضيَ محتلة، إلا انه يوجد إجماع دولي اليوم أن هذه الأراضي هي أراضٍ محتلة. حتى رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون اعترف في أحد خطاباته بكون الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة.

[2] Robbie Sabel, International Law, (Hebrew University, Jerusalem, 2003) (In Hebrew) at 455. See also: Oppenheimes, International Law, Vol. II, Disputes War and Neutrality, H. Hauterpacht ed. (7th ed. 1952) at 435.

كما جاء تعريف “الأرض المحتلة” المذكور، في المادة 42 من الفصل الثالث للائحة المرفقة باتفاقية لاهاي، الذي يتعلق في “السلطة العسكرية في أرض دولة العدو” بان: “تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها”.

[3] Resolution No. 242 of 1967, United Nation Security Council Resolution, S/RES/242 of 22 November 1967.

[4] التماس عدل عليا 82/393 جمعية إسكان المعلمين التعاونية المحدودة المسؤولية ضد قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات ل.ز. (4) 785، ص. 793.

[5] Richard Falk, “Some Legal Reflections on Prolonged Israeli Occupation of Gaza Strip and the West Bank” (1989) 2 J. Refugee Stud. 40, at 44: “The existing customs and treaty rules  of international law are dominated by the idea that an occupation of territory that arises as an incident of war should be dealt with as a matter that is temporary and subject to a return of the territories to the rightful sovereign at the earliest feasible date”.

[6] Feras Melhem, The Origins and Evaluation of the Palestinians Sources of Law, Thesis Submitted to Obtain a Degree of Doctor of Law (Brussels, 2004) 127-128.

[7] Samirah Shah, “On The Road to Apartheid: The Bypass Road Network in the West Bank”, 1997-1998) 29 Columbia Human Rights Law Review 221, at  244: “Since the authority over the West bank, Gaza strip, and East Jerusalem has in fact passed into the hands  of Israel and the Israeli Military actually exercises its authority in these territories, the territories can be considered occupied within the meaning of the Hague Regulations and the Fourth Geneva Convention. Since Israel, Jordan and Egypt   are all parties to to the 1949 Geneva Convention IV, the Convention applies to the territories occupies by  Israel”.  

[8] التماس عدل عليا 81/69  أبو عيطه وآخرون ضد حاكم منطقة الضفة الغربية، قرارات ل.ز. (2) 197، ص. 230.

[9] الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، الموقعة في لاهاي / 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907.

[10] اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949.

[11] Thedor Meron, “Applicability of Multilateral Conventions to Occupied Territories” (1978) The American Journal of International Law 542, at 542-543.

[12] Shah, supra note 5, at 239-240: “…the regulations annexed to the Hague Conventions are declaratory of customary international Law and are thus binding on all the states, including those that are not parties to the conventions and regulations”.

[13] Eyal Benvenesti, “The Applicability of Human Rights Conventions to Israel And to The Occupied Territories” (1992) 26 Israel Law Review 24, at 27-28: “These norms reflect a concern of the humane treatment of the occupied populations/ In fact’ concern for the humane treatment of enemy combatants and civilians has always been one of the scales that the laws of war had always sough to balance”.  

[14] Jamal El-Hindi, “Note, the West Bank Aquifer and Conventions  Regarding Laws of Belligerent Occupation” (1989-1990) 11 Michigan Journal Of International Law 1400, at 1404: “The Geneva Conventions attempted to fill Gaps in the humanitarian protections outlined in the Hague rules. Protocols to the Geneva Conventions have called for the further restrictions on the powers of a belligerent occupier”.

[15] Stacy Howlett, “Palestinian Private Property Rights in Israel and the Occupied Territories”, (2001) 34 Vand. J. Transnatl. L. 117, at 136: “Occupier’s Law, as provided by the Hague and Geneva Conventions, can be summarized into four key points.  The First,  comes from article 43, of the Hague Regulations and states that the occupant’s power is of de facto nature. Military occupation does not give sovereignty to the occupying power”.

[16] Howlett, supra note 15, at 137.

[17] Ibid.

[18] Ibid.

[19] المادة 49 من اتفاقية جنيف: “يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة كانت أو غير محتلة، دون مراعاة أية دواع ٍ لذلك.
ومع ذلك، يجوز لدولة الاحتلال أن تقوم بإخلاء كلي أو جزئي لمنطقة محتلة معينة، إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية. ولا يجوز أن تتسبب عمليات الإخلاء بنزوح الأشخاص المحميين إلا في إطار حدود الأراضي المحتلة، ما لم يتعذر ذلك من الناحية المادية. ويجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في هذا القطاع.
وعلى دولة الاحتلال التي تقوم بعمليات النقل أو الإخلاء أن تتحقق إلى أقصى حد ممكن من توفير أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال الأشخاص المحميين، ومن أن الانتقالات تجري في ظروف مُرضِيَة من حيث السلامة والشروط الصحية والأمن والتغذية، ومن عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة. ويجب إخطار الدولة الحامية بعمليات النقل والإخلاء بمجرد حدوثها. لا يجوز لدولة الاحتلال أن تحجز الأشخاص المحميين في منطقة معرضة بشكل خاص لأخطار الحرب، إلا إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية. لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”.

[20] المادة 53 من اتفاقية جنيف: “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أية ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير”.

[21] المادة 46 من اتفاقية لاهاي: “ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة”.

[22] “( ز) تدمير ممتلكات العدو أو حجزها, إلا إذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتماً هذا التدمير أو الحجز”.

[23] المادة 33 من اتفاقية جنيف : “لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم”.

[24] المــادة 50 من اتفاقية لاهاي: “لا ينبغي إصدار أية عقوبة جماعية، مالية أو غيرها، ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد لا يمكن أن يكون هؤلاء السكان مسئولين بصفة جماعية”.

[25] المــادة 76 من اتفاقية جنيف، “يحتجز الأشخاص المحميون المتهمون في البلد المحتل، ويقضون فيه عقوبتهم إذا أدينوا. ويفصلون إذا أمكن عن بقية المحتجزين، ويخضعون لنظام غذائي وصحي يكفل المحافظة على صحتهم ويناظر على الأقل النظام المتبع في سجون البلد المحتل. وتقدم لهم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية. ويكون لهم الحق أيضاً في تلقي المعاونة الروحية التي قد يحتاجون إليها. تحجز النساء في أماكن منفصلة عن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء”.

[26] Ibid.

[27] المادة 43 من اتفاقية لاهاي: “إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى قبضة قوة الاحتلال، يتعين على الأخيرة، قدر الإمكان، تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه، مع احترام القوانين السارية في البلاد، إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك”.

[28] Howlett, supra note 15, at 137.

[29] Meir Shamgar, “The Observance of the International Law in the Administered Territories” (1971) 1 Israel Yearbook on Human Rights 262.

[30] Ibid at 263.

[31] فقط بريطانيا والباكستان اعترفتا بضم الضفة الغربية للأردن.

[32] المحكمة العليا الإسرائيلية لم تتطرق إلى هذا الإدعاء ولم تفصل فيه في أية مرحلة، بل حاولت التهرب منه، معتمدة على موافقة الحكمة على تطبيق القواعد الإنسانية لاتفاقية جنيف. وبناء على هذه الموافقة، لم تكن هنالك حاجة حسب رأي المحكمة في الفصل في هذا الأدعاء.

[33] El-Hindi, supra note 14, at 1405: “The official Israeli stance has been criticizes by a number of commentators, and the applicability of the Fourth Geneva convention to the occupied territories has been asserted by the International Committee of the Red Cross, various United Nations bodies including the Security Council and the General Assembly, and most governments including the United States”.

[34] Shah, supra note 5, at 241-242: “According to the ICRC Commentary on the Fourth Geneva Convention, this Article [Article 2 of Geneva] attempted to remove any question of the applicability of the convention in times of war, other armed conflict, or partial or total occupation. The Article was meant to address situations in which a state refuses to recognize the existence of a state of war or refuses to observe humanitarian conventions, because it “consest[s] the legitimacy of the enemy government” or because the enemy sovereign temporarily disappears as a result of the of the annexation or capitulation”. 

[35] المــادة 4 من اتفاقية جنيف: “الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية هم أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان، في حالة قيام نزاع أو احتلال، تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها”.

[36]  بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه،  ص.  836.

[37] بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه، ص 836 – 837.

[38] على الرغم من أن الموقف الرسمي للمحكمة كان مغايرا لموقف الحكومة، فإن هذا الموقف لا يعد سابقة أو تقدما قضائيا ملحوظا. بل على العكس فان المحكمة كانت مضطرة إلى اتخاذ هذا الموقف، حيث انه ما من شك اليوم، لا في القضاء ولا في الفقه في أن أحكام اتفاقيات لاهاي تعتبر قواعد عرفية في القانون الدولي، وعليه تعتبر هي جزءا من القانون الداخلي لكل دولة. وبما أن هذا هو الوضع القانوني لهذه الاتفاقيات، فإن ذهاب المحكمة إلى موقف مغاير سيؤدي إلى توجيه انتقادات لاذعة للمحكمة بعدم احترام القانون الدولي، وهو ما جرى بالنسبة لتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.

[39]  Thumas Kuttner, “Israel and the West Bank: Aspects of the Law of Belligerent Occupation”, (1977) 7 Israel Yearbook on Human Rights 166, 1972.

[40] التماس عدل عليا 78/606 ايوب وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرون، قرارات ل.ج. (2) 113.

[41]  Routh Lapitdoth, “International Law within the Israel Legal System”, (1990) 24 Israel Law Review 451.

[42] Benvenisti, supra note 13, at 25: “Customary Law… is considered part of the domestic law. It is binding, unless overpowered by statute. Treaties have no legal effects as such. To take effect they must be incorporated by a statute”.

[43] إلا أن موقف المحكمة العليا المذكور من اتفاقية جنيف، هو موقف مستغرب. إذ أنه، حتى لو كانت المحكمة مضطرة إلى انتهاج هذا النهج، بسبب مبادئ القانون الاسرائيلي، فهذا لا يعني بالضرورة أنه كان عليها التوصل إلى النتيجة اعلاه. إذ أن الفرضية التي بُني عليها هذا النهج، وهي أن اتفاقية جنيف هي اتفاقية تعاقدية بأكملها، وليست عرفية، هي فرضية خاطئة[43]. إذ انه ليست كل الاحكام التي وردت في اتفاقية جنيف هي احكام تعاقدية. بل على العكس، غالبية الاحكام التي وردت في هذه الاتفاقية هي أحكام عرفية، تم تقنينها من خلال اتفاقية جنيف. أنظر:

Theodor Meron, “The Geneva Convention as Customary law” (1987) 81 American Journal of International Law, 348, at 364.

وقد عبر عن هذا الرأي فقهاء القانون الدولي المشهورون، أمثال Lauterpacht، إذ اعتبر أن المواد 47 إلى 78 التي تعالج “الاشخاص المحميين” تعتبر أحكام عرفية. أنظر:

Opphnheim-Lauterpacht,International Law, (7th. Ed., 1952) II 451: “…are to large extent declamatory of existing International Law- thought in some ways  they go beyond the provisions of the Hague Regulations and supersede them as between the Contracting Parties”. 

ايضا القاضي شمغار، اعترف أن جزءا من المواد المذكورة تحتوي على قواعد عرفية (Shamgar, supra note 29, at 32). وعليه، لم يكن هنالك اساس متين للحكم أن اتفاقية جنيف بأكملها هي اتفاقية تعاقدية. وقد عبر عن هذا الرأي القاضي حايم كوهين، ب في قضية قواسمه، عندما تطرق للمادة 49 من اتفاقية جنيف، قائلا: ““حسب رأيي يجب النظر إلى كل مادة في المعاهدة على حدة، والفحص فيما لو كانت تكرر قاعدة عرفية معروفة ومقبولة في القانون الدولي، أم أنها تحدث قانونا دوليا لم يكن معروفا او متبعا بين الشعوب سابقا…” (التماس عدل عليا 80/698 قواسمه وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.هـ. (1) 617، ص. 638).

[44] وقد عبرت المحكمة عن هذا الموقف في عدة قرارات، منها:

– التماس عدل عليا 78/606 ايوب وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.ج. (2) 113، 119-122؛

– التماس عدل عليا 80/351 شركة كهرباء شرقي القدس ضد وزير الطاقة وآخرين، قرارات ل.هـ. (2) 673، 688.

[45] موشيه نجبي، كوابح العدالة، محكمة العدل العليا مقابل الحكم العسكري في المناطق (1981) 22.

[46] قضية جمعية إسكان المعلمين، ملاحظة رقم 6 أعلاه، ص. 785.

[47] امنون روبينشتاين، “الوضع المتغير “للأراضي”: من أمانة مودعة لمخلوق قانوني غريب” (1985) عيوني مشبات ي.أ ص. 439 (باللغة العبرية)، ص.440.

[48] مجموعة المناشير، الأوامر والتعيينات لمنطقة الضفة الغربية، رقم 1، ص. 3.

[49] Feras Melhem, The Origins and Evaluation of the Palestinians Sources of Law, Thesis Submitted to Obtain a Degree of Doctor of Law (Brussels, 2004) 127-128.2)

[50] أمر بشأن التفسيرات (اوامر اضافية)(رقم 3)(منطقة الضفة الغربية)(رقم 187) لسنة1967، مجموعة الأوامر العسكرية رقم 9، ص. 367.

[51] امنون روبنشتاين، ملاحظة – أعلاه، ص. 451.

[52] Melhem, supra note 4. at 136: “In 35 years of occupation, the estimated number of “legislation” is exceeding 2500 in the WB and 2400 in GS. Out of this number around 1500 and 1200 Orders were issued in the WB and GS respectively”.

[53] Ibid at 139-142.

[54] Ibid at 142-144.

[55] التماس عدل عليا رقم 71/337 الجمعية المسيحية للأراضي المقدسة ضد وزير الدفاع، قرارات ك.و.(1) 574.

[56] قضية الجمعية المسيحية، ملاحظة 77 أعلاه، ص. 582: “الحياة لا تقف مكانها وكل حكم ان كان سلطة احتلال أو غيرها، لا يقوم بشكل معقول تجاه السكان اذا جمد القوانين القائمة وامتنع عن مواكبتها بتطورات الزمن”.

[57] يورام دينشتاين، “صلاحية التشريع في الأراضي المسيطر عليها” (1972) عيوني مشبات ب(1) ص. 505، ص. 511. حيث اعتبر أن احتياجات السكان المحليين تتطور، عندما يصبح الاحتلال طويل الأمد. وعليه، لا يمكن تجميد تطور التشريع في هذه الحالة.

[58] قضية الجمعية المسيحية، ملاحظة 77 أعلاه ،  ص. 582.

[59] المصدر نفسه، ص. 585.

[60] المصدر نفسه، ص. 586.

[61] دينشتاين، ملاحظة 84 أعلاه، ص. 512.

 [62] Meron, supra note 11, at 550 :”One should, however, be wary of carrying such a test, inconclusive as it is, beyond this point. In practice the standard implicit in the test may be abused by an occupant interested in a gradual extension of its laws to the occupied territory under a strategy of creeping annexation. Except in cases of occupation of a country where a system of racial, religious, or political discrimination prevailed, an occupant has the duty to respect the institutions of the occupied territory, especially when they reflect an enlightened regime. It may not introduce changes simply on the ground that it is “upgrading” the local institutions to the level obtaining in the occupant’s own country and that it is in the interest of the local population”.

[63] التماس عدل عليا 81/202 سعيد محمود طبيب ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.و.(2) 622.

[64] Adam Roberts, “Prolonged Military Occupation: The Israeli-Occupied Territories Since 1967” (1990) 84 American Journal of International Law 44, at 47: “The precise definition of “prolonged occupation’ is likely to be point-less quest. …Its taken to be an occupation that lasts more than 5 years and extends into a period when hostilities are sharply reduced- i.e., a period at least approximating peacetime”.

[65] Yoram Dinstein, “The Israel Supreme Court and the Law of Belligerent Occupation: Article 43 of the Hague Regulations”, (1995) 25 Israel Yearbook on Human Rights 1, at 8: “The majority opinion developed a “powerful” argument concerning the special circumstances of the prolonged occupation, in the course of which the changing needs of the civilians population become ever more compelling. When  occupation endures for many years, conditions cannot be frozen: tempora mutantur and the occupying power must be given some latitude in modifying the legislation in force”. See also: Roberts, supra note 92, at 94-95.  See also Meron, supra note 11, at 548: “The court emphasized that an occupying was duty bound to be concerned with the welfare of the local population. Especially in cases of prolonged military occupation, when important changes occur in the economic and social conditions of the occupied territory, new legislative measures may be essential to adapt the law to the changing needs of the population.

[66] قضية طبيب، ملاحظة 91 أعلاه، ص. 629.

[67] قضية طبيب أعلاه، ص. 631-632..

[68] Melhem, supra note 4, at 144.

[69] المــادة 48 من لاهاي: “إذا قامت قوة الاحتلال بتحصيل الضرائب والرسوم وضرائب المرور التي تفرض لفائدة الدولة، ينبغي أن تراعي في ذلك، قدر الإمكان، القواعد المطبقة في تقييم وتوزيع الضرائب، وأن تتحمل قوة الاحتلال النفقات الإدارية في الأراضي المحتلة كما فعلت الحكومة الشرعية”.

[70] التماس عدل عليا 81/69 باسل أبو عيطة ضد الحاكم العسكري في الضفة الغربية، قرارات ل.ز (2) 197.

[71] قضية أبو عيطة أعلاه، ص. 323.

[72] Gerhard Von Glahn, “Taxation under Belligerent Occupation”, International Law and the Administration of the Occupied Territories, Two Decades of Israeli Occupation of the West Bank and Gaza Strip (Emma  playfair ed.  1992) at 372.

[73] أنظمة الطوارئ (مخالفات في الضفة الغربية- اختصاص ومساعدة قانونية) لسنة 1967، مجموعة الأنظمة 2741.

[74] القانون الجنائي، لسنة 1977، المادة 15.

[75] أمنون روبينشتاين، ملاحظة – أعلاه، ص. 448.

[76] تعديل لقانون الانتخابات لكنيست (رقم 2)، لسنة 1970، كتاب القوانين 146.

[77] قانون تعديل قانون ضريبة الدخل (رقم 32)، لسنة 1978، المادة 3أ، كتاب القوانين 216.

[78] قانون ضريبة القيمة المضافة، (تعديل رقم 3)، لسنة 1979.

[79] قانون الجنسية (تعديل رقم 4)، لسنة 1980، كتاب القوانين رقم 222.

[80] قانون مراقبة المنتجات (تعديل رقم 12)، لسنة 1982، كتاب القوانين رقم 92.

[81] قانون ضريبة التحسين (تعديل رقم 15)، 1984، كتاب القوانين رقم 179.

[82] قانون تعديل وتمديد أنظمة الطوارئ (يهودا والسامرة وقطاع غزة- اختصاص بالمخالفات ومساعدة قانونية) لسنة 1984، كتاب القوانين رقم 36.

[83] من تلك القوانين التي وردت في الملحق: قانون الدخول إلى اسرائيل. قانون نقابة المحامين. قانون ضريبة الدخل. قانون تسجيل السكان. قانون العمل في حالة الطوارئ. قانون التأمين الوطني.

[84] المادة 3 من قانون أنظمة الطوارئ.

[85] المادة 6(و) من قانون أنظمة الطوارئ.

[86] المادة 6 من قانون أنظمة الطوارئ.

[87] المناشير والأوامر والتعيينات (الاحتلال الإسرائيلي –الضفة الغربية)، العدد رقم 24 ص. 834.

[88] الأمر بشأن التعويض لمصابي حوادث الطرق (الضفة الغربية)، (رقم 667) لسنة 1976، المناشير والأوامر والتعيينات (الاحتلال الاسرائيلي –الضفة الغربية)، العدد 39  ص. 261.

[89] المناشير والأوامر والتعيينات (الاحتلال الاسرائيلي –الضفة الغربية)، العدد رقم 34 ص. 1384.

[90] المناشير والأوامر والتعيينات (الاحتلال الاسرائيلي –الضفة الغربية)، العدد رقم 45 ص. 88.

[91] أمنون روبينشتاين، ملاحظة – اعلاه، ص. 456.

[92] عدل عليا رقم 03/5666، فايز سليمان وآخرين ضد المجلس المحلي جفعات زئيق.

[93] قرار سليمان فايز أعلاه، الفقرة 2.

[94] قرار سليمان فايز أعلاه، الفقرة 3.

[95] مجموعة المناشير، الأوامر والتعيينات لمنطقة الضفة الغربية، رقم 1، ص. 3.

[96] التماس عليا رقم 82/393 جمعية إسكان المعلمين ضد الحاكم العسكري للجيش الإسرائيلي، قرارات عليا ل:- (4) 786، 792 (1983).

[97] انظر أيضا: التماس عليا 05/1661 المجلس المحلي شاطئ غزة ضد الكنيست الإسرائيلي، قرارات عليا ن، ط. (2) 481، 558، 559 (2005)، التماس عليا 04/7957 مداعبة ضد رئيس حكومة إسرائيل، لم ينشر بعد، صدر في تاريخ 15/9/2005، الفقرة 3 من قرار رئيس المحكمة براك.

[98] التماس عليا 94/2612 شعار ضد الحاكم العسكري في الضفة الغربية، قرارات عليا م. ح. (3) 675 ، 681 (1994).

[99] انظر: أمر نظام الحكم والقانون (رقم 1) لسنة 1967، الذي يحل “القانون والحكم والإدارة” لدولة إسرائيل على القدس الشرقية.

[100] قرار فايز سليمان، الفقرة 11.

[101] نص المادة 43 من اتفاقية لاهاي.

[102] امنون روبنشتاين وبراك مرينه، القانون الدستوري في دولة إسرائيل، المجلد الثاني، ص. 927، 928 (الطبقة السادسة، 2005): خلال السنوات أصبح هنالك فصل واضح بين القانون الذي يطبق على المستوطنين، وبين القانون الذي يطبق على السكان المحليين. فيما عدا الإحلال الشخصي لقوات قانونية محتلة من سكان المستوطنات عن طريق قوانين في الكنيست، وضعت أيضا تشريعات للحكم العسكري التي تم تطبيقا على المستوطنات فقط.

[103] قرار فايز سليمان ، الفقرة 11.

[104] التماس عليا 87/785 عضو ضد قائد جيش الدفاع في الضفة الغربية، قرارات عليا م. ب (2) 4، 35، 76 (1988).

[105] استئناف عليا 03/1432 يفون- إنتاج وتشوين منتجات أو أغذية م. ض ضد كريمات، قرارات عليا ن، ط. (1) 345، 356 (2004).

[106] قرار فايز سليمان أعلاه، الفقرة 12.

[107] انظر قرار فايز سليمان، فقرة 12 : انظر أيضا : التماس عليا 82/205 أبو صالح ضد وزير الداخلية، قرارات عليا ل. ز. (2) 720 (1983).

[108] افيغدور لفونتين، اختيار القانون الواجب التطبيق اقترح قانون مع مقدمة وشروحات مختصرة، (المعهد لأبحاث التشريعات والقانون المقارن على اسم هاري وميخائيل ساكور الجامعة العبرية بالقدس، طبعة محدثة، 1998).

[109] لفونتين أعلاه، المادة 12 (ج) من الاقتراح :” إذا لم يكن هنالك ما ينتقص من أهلية الأطراف، يستطيعون اختيار أي قانون يحل على العقد”

[110] المادة 3 للاقتراح.

[111] قرار فايز سليمان الفقرة 13.

[112] قرار فايز سليمان، الفقرة 14، انظر أيضا استئناف عليا 71/419 شركة منورة للتامين ضد لوميكوس، قرارات عليا، خ، ك، و (2) 1527، 531 (1972).

[113] قرار فايز سليمان الفقرة 14، انظر أيضا استئناف عليا 87/352 جريفين كوبوريشن ضد كور ساحر م.ض. قرارات عليا م. د (39 45، 62، (1990).

[114] EEC. Convention. On the law Applicable  to contractual obligations.1980.. articles 3.4. see also-Restatement of the law (second).conflict. of laws.

[115] قرار فايز سليمان، الفقرة 17.

[116] ميخائيل كرييني، تأثير اختيار القانون الواجب التطبيق على الاختصاص الدولي للمحكمة (القدس، 2002)، ص. 231.

[117] قرار فايز سليمان، الفقرة 19.

[118] استئناف عليا 96/6601 AES Systems ضد ساعر، قرارات عليا ن.د.(3) 850 (2000).

[119] التماس عليا 03/11163 لجنة المتابعة العليا نعرب اسرائيل ضد رئيس الحكومة، قرار من تاريخ 27/2/2006.

[120] قرار فايز سليمان، فقرة 21.

[121] قرار فايز سليمان، فقرة 24.

[122] قرار فايز سليمان، فقرة 26.

[123] قرار فايز سليمان، رأي القاضي جبران، الفقرة 4.

[124] حسن الهداوي، تنازع القوانين وأحكامه في  القانون الدولي الخاص الأردني، (دار  مجدلاوي للنشر والتوزيع، 1993) ص. 150.

[125] حسن الهدواي، ص. 152.

[126] يذكر أن هذه القاعدة قد لقيت نقدا كباقي النظريات، لما تمنحه للاطراف من قوة في أختيار القانون. فبدلا أن يحكم القانون العقد، أصبح العقد يحكم القانون الواجب التطبيق. وعليه، أقترح الناقدون بعض التعديلات على هذه النظرية، مثل الفصل بين قواعد آمرة وغير آمرة في قوانين العقود، بحيث يستطيع الأطراف الخروج عن القواعد العادية، ولا يستطيعون ذلك بالنسبة للقواعد الآمرة. 

[127] حسن الهداوي، ص. 157: “كالتشريع المصري (م19/1/مدني) لنسة 1949، والتشريع السوري (م/2) مدني لسنة 1949، والليبي (م19 مدني) لسنة 1936، والكويتي (م/59/1)  قانون تنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي لسنة 1961) والعراقي فقرة (1 م 25) القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 وبهذا الاتجاه يعمل في لبنان”.

[128] حسن الهداوي، ص. 157.

[129] حسن الهداوي، ص. 158.

[130] أمين دواس، تنازع القوانين في فلسطين، (دار الشروق للنشر والتوزيع، 2001) ص. 138: المادة 27 من القانون المدني الألماني.

[131] أمين دواس، ص. 138: المادة 28(1).

[132] Richard A. Falk, “The Israeli-Occupied Territories, International Law, and Boundaries of the Scholarly Discourse: A Reply to Michael Curtis”, (1992) 33 Harvard International Law Journal 191: “the Palestinian people living under Israeli occupation in the West Bank and Gaza…have been and continue to be severely victimized by systemic and gross violations of their fundamental rights under international humanitarian law”.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *